للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - إذا كانت الدعوى من الخارج على ذي اليد بدون تاريخ: فبينة المدعي وتسمى بينة الخارج أولى بالقبول عند الحنفية والحنابلة؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه» (١) فجعل جنس البينة على المدعي، فلا يؤبه لبينة ذي اليد؛ لأنه ليس بمدع، فلا تكون البينة حجته (٢). والدليل على أنه ليس بمدع عدم انطباق وصف المدعى عليه، لأن المدعي: هو من يخبرعما في يد غيره لنفسه. والموصوف بهذه الصفة هو الخارج، لا ذو اليد؛ لأنه يخبر عما في يد نفسه لنفسه، فلم يكن مدعياً، وإنما هو مدعى عليه، فلا تكون البينة حجة له، فتعد بينته لاغية.

ولأن بينة المدعي أكثر فائدة، فوجب تقديمها كتقديم بينة الجرح على التعديل، ودليل كثرة فائدتها: أنها تثبت شيئاً لم يكن، وبينة المنكر إنما تثبت أمراً ظاهراً تدل اليد عليه، فلم تكن مفيدة، أي أن بينته لا تفيد أكثر مما تفيد اليد، أي الحيازة فقط.

٢ - إذا كانت البينتان مؤرختين، وتاريخهما سواء: يقضى للمدعي الخارج؛ لأنه لم يثبت سبق ملك أحدهما؛ إذ أنه بطل اعتبار الوقتين للتعارض، فبقي الحال حال دعوى ملك مطلق، كالصورة الأولى.

٣ - إذا كان تاريخ أحدهما أسبق من الآخر: يقضى للأسبق وقتاً أيهما كان عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وروي في النوادر عن محمد أنه رجع عن هذا القول عند رجوعه من الرقة، وقال: لا تقبل من صاحب اليد بينة على وقت ولا غيره إلا في النتاج؛ لأنه لا قيمة لبينته إذ أنه مدعى عليه، والبينة حجة المدعي.


(١) رواه أحمد والشيخان وابن ماجه عن ابن عباس.
(٢) وبعبارة أخرى: هي أن الشرع قد جعل البينة في حيز المدعي واليمين في حيز المدعى عليه، فوجب ألا ينقلب الأمر، وهذا عندهم من باب العبادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>