للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصحيح القول الأول وهو ظاهر الرواية؛ لأن بينة صاحب الوقت الأسبق أظهرت الملك له في وقت لا ينازعه فيه أحد، فيثبت له الحق في موضوع النزاع إلى أن يثبت الآخر سبباً لنقل الملكية له.

٤ - إذا أرخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر: يقضى للخارج عند أبي حنيفة ومحمد؛ لأن الملك المطلق يحتمل التأخر والسبق، لجواز أن صاحب البينة المطلقة لو وقتت بينته، كان وقتها أسبق. فوقع الاحتمال في سبق الملك المؤقت، وإذا حصل الاحتمال في شيء سقط اعتباره، فيسقط اعتبار الوقت، وتبقى الدعوى دعوى ملك مطلق، فيقضى للخارج.

وقال أبو يوسف: يقضى لصاحب البينة المؤرخة؛ لأن بينة صاحب الوقت أظهرت الملك له في وقت معين خاص به، لا يعارضها فيه بينة مدعي الملك المطلق بيقين، بل تحتمل بينته المعارضة وعدمها، والمعارضة لا تثبت بالشك، فبقيت بينة صاحب التاريخ سالمة عن المعارضة، فيقضى له.

وقال المالكية والشافعية في هذه الصور (١): تقدم بينة صاحب اليد وتسمى بينة الداخل على الإطلاق؛ لأنهما استويا في إقامة البينة، فتعارضت البينتان، وترجحت بينة صاحب اليد بيده أي بحيازته، كترجيح أحد الحديثين المتعارضين بالقياس، فيقضى بالشيء لصاحب اليد، ولأن بينة المدعى عليه تفيد معنى زائداً على كون الشيء المدعى فيه موجوداً بيده.

ولأن جانب المدعى عليه أقوى، استصحاباً للأصل، فالأصل معه وهو بقاء ما كان على ما كان، ويمينه تقدم على يمين المدعي، فإذا تعارضت البينتان، وجب


(١) مغني المحتاج: ٤٨٠/ ٤، المهذب: ٣١١/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>