للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ـ ولو شهد اثنان على رجل بسرقة نصاب (وهو عشرة دراهم عند الحنفية) فقضى القاضي بعد ادعاء المالك المسروق منه بقطع اليد، وقطعت يده، ثم رجع الشاهدان، يغرمان دية اليد.

ـ وكذلك لو شهد اثنان على رجل أنه قتل فلاناً خطأ، أو جرحه خطأ، وقضى القاضي بالعقوبة، ثم رجعا، ضمنا الدية؛ لأنهما أتلفاها عليه، وتكون في مالهما؛ لأن الشهادة منهما بمنزلة الإقرار منهما بالإتلاف، والعاقلة (أي عصبة القاتل) لاتعقل بالإقرار بالقتل.

ـ ولوشهد رجلان على آخر أنه قتل فلاناً عمداً، فقضى القاضي بالقصاص، واقتص منه أي قتل، ثم رجعا، لا يقتص منهما عند الحنفية، وهو ظاهر المدونة لمالك وقول ابن القاسم، وإنما يضمنان الدية في مالهما في ثلاث سنين؛ لأنهما معترفان، والعاقلة لا تعقل الاعتراف. والدليل على أنه لا يقتص منهما هو أنهما لم يباشرا القتل، بل ولم يوجد منهما ـ في تقدير الحنفية ـ تسبب بالقتل؛ لأن التسبب: ما يفضي إلى ما تسبب فيه غالباً، والشهادة لا تفضي إلى القتل

غالباً، وإن أفضت إلى القضاء به، وإنما كثيراً ما يقضى بالقتل، ثم يتوسط الناس في الصلح على الدية (١).

وقال الشافعية والحنابلة وأكثر أصحاب مالك (٢): إذا رجع الشهود، وقد نفذ القصاص أو قتل الردة، أو رجم الزنا، أو الجلد أو القطع ومات المجلود أو المقطوع، وقال الشهود: تعمدنا الشهادة، فيقتص منهم، أو يلزمون بدية مغلظة في مالهم موزعة على عدد رؤوسهم، لتسببهم في إهلاك المشهود عليه، وقتلهم نفساً ب


(١) فتح القدير: ٩٥/ ٦ وما بعدها، البدائع: ٢٨٥/ ٦، الشرح الكبير: ٢٠٧/ ٤.
(٢) مغني المحتاج: ٤٥٧/ ٤، المهذب: ٣٤٠/ ٢، المغني: ٢٤٧/ ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>