للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير شبهة، ولما روى الشعبي: أن رجلين شهدا عند علي رضي الله عنه على رجل أنه سرق، فقطعه، ثم أتياه برجل آخر، فقالا: إنا أخطأنا بالأول، وهذا السارق، فأبطل شهادتهما على الآخر، وضمنها دية الأول، وقال: «لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعتكما».

وإن قال الشاهدان اللذان رجعا: أخطأنا، فعليهما الدية مخففة في أموالهما عند الحنابلة، لأن العاقلة لا تحمل الاعتراف، وعند الشافعية: عليهما نصف الدية، وعلى القاضي النصف الآخر، توزيعاً للدية على من باشر القتل ومن تسبب فيه.

ـ ولو شهد أربعة على رجل بالزنا، وشهد آخران عليه بأنه محصن، ثم رجعوا بعد إقامة الرجم: فضمان الدية على شهود الزنا، ولا يجب شيء على شهود الإحصان؛ لأن الزنا علة الحكم، والإحصان شرط، والحكم يضاف إلى العلة أو السبب لا إلى الشرط.

وأما بالنسبة لحد القذف: فإن رجع جميع الشهود يحدون حد القذف، سواء رجعوا بعد القضاء بالرجم أو قبل القضاء.

وإن رجع أحد الشهود بالزنا بعد الرجم: فإنه يحد حد القذف،؛ لأن شهادته صارت قذفاً بإقراره، ويغرم ربع الدية، ويتحمل ثلاثة أرباع الدية الباقية الشهود الثلاثة الآخرون.

وإن رجع واحد من الشهود بعد قضاء الحاكم بالرجم وقبل إقامة الحد، فإنهم يحدون جميعاً عند أبي حنيفة وأبي يوسف؛ لأن رجوعه قبل إقامة الحد بمنزلة رجوعه قبل القضاء بالحد. وعند محمد: يحد الراجع وحده استحساناً؛ لأن كلام الشهود اعتبر شهادة بدليل القضاء بموجبه، فلا ينقلب قذفاً إلا بالرجوع، ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>