للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣٦٢ هـ).

وهكذا وجدت في وقت واحد ثلاث خلافات إسلامية: خليفة عباسي في العراق، وخليفة أموي في الأندلس، وخليفة فاطمي في إفريقية وجنوبي إيطاليا وصقلِّية، ثم مصر وقسم كبير من الشام (١).

وكان من أهم عوامل التجزئة وفصم عرى الوحدة الإسلامية هو الفتنة الأولى أو الكبرى التي انتهت بمصرع عثمان بن عفان رضي الله عنه، والفتنة الثانية التي انتهت بقتل الحسين بن علي وآل بيته رضي الله عنهم في كربلاء.

وفي وسط هذا الاختلاف بين أهل السنة والشيعة وتشعب الآراء وتعدد الفرق وانقسام المسلمين إلى دويلات، انقض التتر والمغول على الخلافة العباسية في بغداد، فأزالوا معالمها ثم استولوا على دمشق. ثم جاءت الدولة العثمانية، فاستولت على البلاد الإسلامية وعاصرت انسلاخ الأندلس وطرد المسلمين منها ومن سائر أوربا بسبب ضعفهم أمام العدو، وطلبهم النصرة بل الحماية من العدو المشترك أيام (ملوك الطوائف).

ثم ضعفت الدولة العثمانية: فانقض المستعمرون الغربيون على الأقاليم الإسلامية يتقاسمونها بينهم بالحماية أو الانتداب أو الوصاية مستفيدين من النُّعَرة الوطنية (٢) وظل الحال كذلك إلى أن استقل معظم البلاد في وحدات اقليمية أو دويلات متعددة بنحو خمسين دولة إسلامية في الوقت الحاضر.

والخلاصة: إن مفهوم دار الإسلام اتجه خلافاً للمبدأ الإسلامي نحو التجزؤ


(١) مقدمة ابن خلدون: ص ٢٩٢، ط مصطفى محمد، الشرع الدولي في الإسلام للدكتور نجيب الأرمنازي: ص ١٥٨، مقدمة كتاب السياسة لأبي القاسم المغربي: ص ٢٨.
(٢) الكلام عن مآسي الاستعمار الغربي في هذا الصدد يتسع لمؤلف ضخم، وقد شاهد جيلنا الحاضر الكثير من ويلاته بتجزئة الإقليم الواحد إلى أوطان متعددة خاضعة تحت نفوده، وبذر بذور الفتن والتفرقة بين الإخوة عملاً بقاعدة (فرق تسد).

<<  <  ج: ص:  >  >>