للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والانقسام في واقع الحياة الإسلامية مما أدى إلى ضعف دولة الإسلام. وبسط نفوذ المتسلطين عليها، ومعاناة مختلف أشكال الاستعمار القديم والجديد.

٥ - وأما الدول الحديثة فإنها بعد أن قامت على أساس الإقليمية الضيقة، دأبت على توفير أو استكمال خصائصها أوعناصرها: وهي النظام (١) والسيادة (٢)

والشخصية القانونية (٣).


(١) النظام: معناه ائتمار الجماعة بأمر فئة منها وخضوعها لقراراتها. أو بعبارة أخرى: وجود طبقة من الحكام وأخرى من المحكومين. وهذا في الحقيقة هو المظهر الداخلي لسيادة الدولة وسلطانها (راجع موجز القانون الدستوري للأستاذين عثمان خليل والطماوي: ص ١٤).
(٢) السيادة: وصف أو خاصية تنفرد بها السلطة السياسية في الدولة، ومقتضاها أن سلطة الدولة سلطة عليا لا يسمو عليها شيء، ولاتخضع لأحد، ولكن تسمو فوق الجميع، وتفرض نفسها على الجميع. ومقتضاها أيضاً أن سلطة الدولة سلطة أصيلة، أي لا تستمد أصلها من سلطة أخرى. وللسيادة وجهان: سيادة خارجية، وسيادة داخلية. الأولى خاصة بالعلاقات الخارجية بين الدول، ومقتضاها عدم خضوع الدولة صاحبة السيادة الخارجية لأية دولة أجنبية، والمساواة بين جميع الدول أصحاب السيادة، ومن ثم فالسيادة الخارجية مراد فة للاستقلال السياسي، وذلك يتوفر باعتراف الجماعة الدولية بها، فهي ذات دور سلبي محض. وأما السيادة الداخلية أوالنظام كما ذكرت فلها معنى إيجابي مضمونه أن الدولة تتمتع بسلطة عليا على جميع الأفراد والهيئات الموجودة على إقليمها، وأن إرادتها تسمو على إرادتهم جميعاً، أي أن سيادة الدولة الكاملة تعني استقلالها الخارجي، وسمو سلطانها في الداخل، وهذا يدل على أنه لا دولة بدون سيادة، وقد حل محل هذه الكلمة في العرف الحديث لفظة (استقلال الدولة) (راجع ثروت بدوي: ٤٠/ ١ - ٤٣، حافظ غانم: ص ١٣، المرجعان السابقان). ويمكن القول بوجود أساس لمبدأ السيادة الخارجية أو الاستقلال السياسي في القرآن الكريم في قوله تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً} [النساء:١٤١/ ٤] وقوله تعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} [المنافقون:٨/ ٦٣] والعزة: الأنفة. ومن أّهم مقوماتها الاستقلال الذي هو من مستلزمات التمكين في الأرض الذي وعد الله به المؤمنين الذي يعملون الصالحات.
(٣) الشخصية القانونية أو المعنوية: هي الخاصة الثانية للدولة، ومعناها أن الدولة وحدة قانونية مستقلة عن أشخاص الحكام الذين يمارسون السلطة، وأن هذه الوحدة لهاطابع الدوام والاستقرار لا تزول بزوال الأفراد الذين يباشرون الحكم، وإن السلطة التي تتمتع بها إنما تقوم من أجل خدمة أغراض الجماعة، لا من أجل تحقيق مآرب شخصية للحاكم. ويترتب على ذلك أن الشخص المعنوي يلزم غيره، ويلتزم في ذمته كالأشخاص الطبيعيين تماماً، أي أن له أهلية التمتع بالحقوق وتحمل الالتزامات، كما أشرت سابقاً (ثروت بدوي، المرجع السابق: ص ٥٢ وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>