للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضاها صمتها» (١)، ومنها «الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها» (٢) وفي رواية لهذا الحديث لأبي داود والنسائي: «ليس للولي مع الثيب أمر، واليتيمة تستأمر، وصمتها إقرارها» سواء أكان الإذن واجباً بالنسبة للولي غير المجبر أم مستحباً بالنسبة للولي المجبر.

وبناء عليه، إذا كانت المرأة بكراً: فرضاها يكون بالسكوت (٣)؛ لأن البكر تستحي عادة من إظهار الرضا بالزواج صراحة، فيكتفى منها بالسكوت، محافظة على حيائها. ويندب عند المالكية إعلامها بأن سكوتها رضا وإذن منها، فلا تزوج إن منعت، بأن قالت: لا أرضى أو لا أتزوج، أو ما في معناه.

ومثل السكوت: كل مايدل على الرضا كالضحك بغير استهزاء، والتبسم، والبكاء بلا صوت أو صياح أو ضرب خد، فإن كان التبسم أو الضحك للاستهزاء، وكان البكاء بصياح أو ضرب خد، لم يكف ولم يعد إذناً ولا رداً؛ لأنه يشعر بعدم الرضا، فلو رضيت صراحة بعده، انعقد العقد.

أما إن كانت المرأة ثيباً: فرضاها لا يكون إلا بالقول الصريح، للحديث السابق: «الثيب تعرب عن نفسها» أي تفصح عن رأيها وعما في ضميرها من رضا أو منع، ولا يكتفى منها بالصمت؛ لأن الأصل ألا ينسب إلى ساكت قول، وألا يكون السكوت رضا، لكونه محتملاً في نفسه، وإنما اكتفي به في البكر للضرورة؛ لأنها تستحي عادة من التصريح عن رغبتها في الزواج، والثابت بالضرورة يتقدر


(١) رواه الأثرم وابن ماجه.
(٢) رواه الجماعة إلا البخاري عن ابن عباس (نيل الأوطار: ١٢٠/ ٦).
(٣) قال الحنفية: إن زنت المرأة مرة ولم يتكرر زناها، ولم تحد به، فهي بكر حكماً أي يكتفى بسكوتها كيلا تتعطل مصالحها عليها، وقد ندب الشارع إلى ستر الزنا، فكانت بكراً شرعاً. بخلاف ما إذا اشتهر زناها.

<<  <  ج: ص:  >  >>