للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما في حال نكول أحد الزوجين عن اللعان بعد طلبه منه، فقد اختلف الفقهاء في حكمه على رأيين (١):

أـ ذهب الحنفية: إلى أنه إن امتنع الزوج عن اللعان حبس حتى يلاعن أو يكذب نفسه، فيحد حد القذف. وإن امتنعت الزوجة عن اللعان حبست حتى تلاعن أو تصدق الزوج فيما ادعاه عليها، فإن صدقته خلي سبيلها من غير حد؛ لأن قوله: {ويدرأ عنها العذاب} [النور:٨/ ٢٤] أي الحبس عندهم وعند الحنابلة.

ب ـ وذهب الجمهور غير الحنفية: إلى أنه إن امتنع الزوج عن اللعان أو امتنعت الزوجة حُدّ حد القذف؛ لأن اللعان بدل عن حد الزنا، لقوله تعالى: {ويدرأ عنها العذاب} [النور:٨/ ٢٤] أي العذاب الدنيوي وهو الحد عندهم، فلا يندرئ الحد عن الزوجة مثلاً إلا بلعانها.

إلا أن الحنابلة وافقوا الحنفية فيما إذا امتنعت الزوجة عن اللعان أخذاً بمدلول الآية السابقة: {ويدرأ عنها العذاب} [النور:٨/ ٢٤] فإن لم تلاعن وجب ألا يدرأ عنها العذاب، فتحبس حتى تقر بالزنا أربع مرات أو تلاعن.

ومنشأ الخلاف بين الحنفية والجمهور في حال امتناع الزوج عن اللعان: هو اختلافهم في الموجَب الأصلي لقذف الزوجة، أهو اللعان أم الحد؟ قرر الحنفية بأن الموجب الأصلي هو اللعان، واللعان واجب، لقوله تعالى: {والذين يرمون أزواجهم، ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم، فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله}


(١) الدر المختار: ٨٠٨/ ٢، اللباب: ٧٥/ ٣، البدائع: ٢٣٨/ ٣، بداية المجتهد: ١١٩/ ٢، القوانين الفقهية: ص ٢٤٥، مغني المحتاج: ٣٧١/ ٣، ٣٨٢، المهذب: ١١٩/ ٢، المغني: ٣٩٢/ ٧، ٣٩٧، ٤٠٤، غاية المنتهى: ٢٠٢/ ٣، كشاف القناع: ٤٦٣/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>