[النور:٦/ ٢٤] أي فليشهد أحدهم أربع شهادات بالله، فإنه تعالى جعل موجب قذف الزوجات هو اللعان، فمن أوجب الحد فقد خالف النص، فصارت آية حد القذف بالنسبة للزوجات منسوخة في حق الأزواج، وأصبح الواجب بقذف الزوجة هو اللعان، فإذا امتنع عنه حبس حتى يلاعن، كالمدين إذا امتنع عن إيفاء دينه، فإنه يحبس حتى يوفي ما عليه.
وقرر الجمهور: أن الموجب الأصلي هو حد القذف، واللعان مسقط له، لعموم قوله تعالى:{والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء، فاجلدوهم ثمانين جلدة}[النور:٤/ ٢٤] فإنه عام في الأجنبي والزوج، ويجب الحد على كل قاذف، سواء أكان زوجاً أم غيره، ثم جعل الالتعان للزوج مقام الشهود الأربعة الذين يثبت بشهادتهم الزنا، فوجب عليه إذا امتنع عن اللعان الموجب الأصلي وهو حد القذف.
ولأن النبي صلّى الله عليه وسلم قال لهلال بن أمية لما قذف زوجته بالزنا:«البينة أو حد في ظهرك».
ورأي الجمهور أرجح لقوة أدلتهم من القرآن والسنة. وبناء عليه إذا قذف الزوج زوجته المحصنة (العفيفة) وجب عليه حد القذف، وحكم بفسقه، ورد شهادته، إلا أن يأتي ببينة أو يلاعن، فإن لم يأت بأربعة شهداء، أو امتنع عن اللعان، لزمه ذلك كله.
وقد يجب على الزوج في حال امتناعه عن اللعان التعزير فقط، كما في حال قذف غير المحصنة كالمرأة الكتابية، والأمَة، والمجنونة، والطفلة، فإنه يجب عليه التعزير به، لإلحاقه العار بها بالقذف، ولا يحد لهن حداً كاملاً لنقصانهن بما ذكر، ولا يتعلق به فسق، ولا رد شهادة؛ لأن القذف لهؤلاء لا يوجب الحد. وله أن يلاعن لدرء التعزير عنه؛ لأنه تعزير قذف.