الثالثة: اتفق أهل العلم على أن هذا الشرط المذكور في الآية لا مفهوم له. وأنه يجوز لمن لم يخف أن يقسط في اليتامى أن ينكح أكثر من واحدة.
الرابعة: مثنى وثلاث ورباع معدولة عن أعداد مكررة. ومحلهن النصب على أنها حال من فاعل (طاب) مؤكدة لما أفاده وصف الطيب من الترغيب فيهن، والاستمالة إليهن، بتوسيع دائرة الإذن. أي فانكحوا الطيبات لكم، معدودات هذا العدد. ثنتين ثنتين. وثلاثا ثلاثا. وأربعا أربعا. حسبما تريدون. فإن قلت: الذي أطلق للناكح في الجمع أن يجمع بين ثنتين أو ثلاث أو أربع، فما معنى التكرير في مثنى وثلاث ورباع؟ قلت: الخطاب للجميع. فوجب التكرير ليصيب كل ناكح يريد الجمع ما أراد من العدد الذي أطلق له. كما تقول للجماعة: اقتسموا هذا المال وهو ألف درهم، درهمين درهمين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة. ولو أفردت لم يكن له معنى. فإن قلت: فلم جاء العطف بالواو دون (أو) . قلت: كما جاء بالواو في المثال الذي حذوته لك. ولو ذهبت تقول: اقتسموا هذا المال درهمين درهمين أو ثلاثة ثلاثة أو أربعة أربعة، أعلمت أنه لا يسوغ لهم أن يقتسموه إلا على أحد أنواع هذه القسمة. وليس لهم أن يجمعوا بينها. فيجعلوا بعض القسم على تثنية وبعضه على تثليث وبعضه على تربيع. وذهب معنى تجويز الجمع بين أنواع القسمة الذي دلت عليه الواو. وتحريره أن الواو. دلت على إطلاق أن يأخذ الناكحون من أرادوا نكاحها من النساء على طريق الجمع إن شاءوا مختلفين في تلك الأعداد، وإن شاءوا متفقين فيها، محظورا عليهم ما وراء ذلك. أفاده الزمخشري.
[بحث جليل:]
قال الرازيّ: ذهب قوم سدّى (كحتى. موضع قرب زبيد باليمن اه قاموس) إلى أنه يجوز التزوج بأي عدد أريد. واحتجوا بالقرآن والخبر. أما القرآن فقد تمسكوا بهذه الآية من ثلاثة أوجه: الأول- أن قوله تعالى: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ، إطلاق في جميع الأعداد. بدليل أنه لا عدد إلا ويصح استثناؤه منه. وحكم الاستثناء إخراج ما لولاه لكان داخلا. والثاني- أن قوله: مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ، لا يصلح تخصيصا لذلك العموم، لأن تخصيص بعض الأعداد بالذكر لا ينفي ثبوت الحكم في الباقي. بل نقول: إن ذكر هذه الأعداد يدل على رفع الحرج والحجر مطلقا. فإن الإنسان إذا قال لولده: افعل ما شئت. اذهب إلى السوق وإلى المدينة وإلى البستان، كان تنصيصا في تفويض زمام الخيرة إليه مطلقا. ورفع الحجر والحرج