الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ الموصول إما مبتدأ وطُوبى لَهُمْ مبتدأ ثان وخبر في موضع الخبر الأول، وإما خبر لمحذوف أي هم، وإما بدل من أَنابَ وجملة طُوبى لَهُمْ دعائية أو خبرية.
قال الزمخشري:(طوبى) مصدر من (طاب) كبشرى وزلفى، ومعنى (طوبى لك) أصبت خيرا وطيبا. ومحلها النصب أو الرفع. كقولك. طيبا لك وطيب لك، وسلاما لك وسلام لك. والقراءة في قوله وَحُسْنُ مَآبٍ بالرفع والنصب تدلك على محليها. واللام في لَهُمْ للبيان مثلها في (سقيا لك) ، والواو في طُوبى منقلبة عن ياء، لضمة ما قبلها. قال ثعلب: قرئ طوبى لهم بالتنوين.
قال الفاسي: ومن نوّن طُوبى جعله مصدرا بغير ألف كسقيا وزعم بعضهم:
أنها كلمة أعجمية وفي (لسان العرب) عن قتادة أنها كلمة عربية، تقول العرب:
طوبى لك إن فعلت كذا وكذا! وأنشد:
طوبى لمن يستبدل الطّود بالقرى ... ورسلا بيقطين العراق وفومها
كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ أي مضت مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أي: لتبلغهم هذا الوحي العظيم والذكر الحكيم، كما بلّغ من خلا قبلك من المرسلين أممهم. وقوله: وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ جملة حالية أو مستأنفة أي: يكفرون بالبليغ الرحمة، الذي وسعت رحمته كل شيء والعدول إلى المظهر الدال على الرحمة، إشارة إلى أن الإرسال ناشئ منها، كما قال تعالى وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ [الأنبياء: ١٠٧] ، وإلى أنهم لم يشكروا نعمة هذا الوحي الذي هو مدار المنافع الدينية والدنيوية، وإلى أن الرحمن من أسمائه الحسنى ونعوته العليا. وقد كانوا يتجافون هذا الاسم الكريم. ولهذا لم يرضوا يوم