للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الزمخشري: وإذا نهى عن ذلك لأدائه إلى الكراهة، وجب الانتهاء عن كل ما يؤدي إليها من قرع الباب بعنف، والتصييح بصاحب الدار، وغير ذلك مما يدخل في عادات من لم يتهذب من أكثر الناس.

[لطيفة:]

قال ابن كثير: قال قتادة: قال بعض المهاجرين: لقد طلبت عمري كله هذه الآية فما أدركتها: أن أستأذن على بعض إخواني، فيقول لي: ارجع. فأرجع وأنا مغتبط. انتهى. وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ

أي فيجزيكم على نيتكم الحسنة، في الزيارة، أو المكر والخيانة بأهل المزور أو ماله.

[تنبيه:]

قال السيوطي في (الإكليل) : في هذه الآية وجوب الاستئذان عند دخول بيت الغير، ووجوب الرجوع إذا لم يؤذن له، وتحريم الدخول إذا لم يكن فيها أحد.

ويستفاد من هذا تحريم دخول ملك الغير، والكون فيه، وشغله بغير إذن صاحبه فيدخل تحته من المسائل والفروع ما لا يحصى. واستدل بالآية الأكثر على الجمع بين الاستئذان والسلام. والأقلّ على تقديم الاستئذان على السلام بتقديمه في الآية.

وأجاب الأكثرون، بأن الواو لا تفيد ترتيبا، واستدل بها من قال: له الزيادة في الاستئذان على ثلاث، حتى يؤذن له أو يصرح بالمنع، وفهم من الآية أن الرجل لا يستأذن عند دخول بيته على امرأته. انتهى.

وقال ابن كثير: ليعلم أنه ينبغي للمستأذن على أهل المنزل ألا يقف تلقاء الباب بوجهه، ولكن ليكن الباب عن يمينه أو يساره،

وفي الصحيحين «١» عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن، فحذفته بحصاة، ففقأت عينه، ما كان عليك من جناح)

وأخرج «٢» الجماعة عن جابر قال: أتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم في دين كان على أبي. فدققت الباب، فقال (من ذا) فقلت: أنا قال (أنا، أنا) كأنه كرهه.

وإنما كرهه، لأن هذه اللفظة لا يعرف صاحبها، حتى يفصح باسمه أو كنيته التي هو مشهور بها. وإلا فكل أحد يعبر عن نفسه ب (أنا) فلا يحصل به المقصود الاستئذان، الذي هو الاستئناس المأمور به في الآية. وعن ابن مسعود قال: عليكم


(١) أخرجه البخاري في: الديات، ٢٣- باب من اطلع في بيت قوم فقأوا عينه، فلا دية له، حديث ٢٥٢٦، عن أبي هريرة.
(٢) أخرجه البخاري في: الاستئذان، ١٧- باب إذا قال من ذا؟ فقال أنا، حديث ١٠٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>