للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روي أن أحدهم فتح متاعه ليأخذ علفا لدابته، فرأى فضته في فم متاعه فقال لإخوته: قد ردّت دراهمي وها هي في متاعي ثم لما وصلوا كنعان، وأخذوا يفرغون أوعيتهم، وجد كل واحد منهم صرة دراهمه في وعائه، فاستطارت قلوبهم، ودهشوا، وحمدوا عناية الله بهم.

قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي أي ماذا نبتغي وراء ذلك؟ هل من زيادة؟ أي: لا مزيد على ما فعل، لأنه أكرمنا، وأحسن مثوانا، بإنزالنا عنده، وردّ الثمن علينا. والقصد إلى استنزاله عن رأيه. أو: لا نبغي في القول ولا نكذب فيما حكينا لك، من إحسانه الداعي إلى امتثال أمره. أو: ما نبغي وما ننطق إلا بالصواب فيما نشير به عليك من تجهيزنا مع أخينا وقرئ على الخطاب. أي: أيّ شيء تطلب وراء هذا من الدليل على صدقنا؟

هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا جملة مستأنفة موضحة لما دل عليه الإنكار من بلوغ اللطف غايته، كأنهم قالوا: كيف لا، وهذه بضاعتنا ردت إلينا تفضلا من حيث لا ندري؟

وَنَمِيرُ أَهْلَنا معطوف على مقدر مفهوم. أي: فنستظهر بها، ونمير أهلنا إذا رجعنا إلى الملك: أي: نأتيهم بميرة، أي بطعام. يقال: (ماره) أتاه بطعام ومنه:

(ما عنده خير ولا مير) .

وَنَحْفَظُ أَخانا أي: فلا يصيبه شيء مما تخافه وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ أي باستصحابه ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ أي سهل على هذا الملك المحسن لسخائه، فلا يضايقنا فيه. أو المعنى قصير المدة، ليس سبيل مثله أن تطول مدته بسبب الحبس والتأخير أو المعنى: ذلك الذي يكال لنا دون أخينا شيء يسير قليل، فابعث أخانا معنا حتى نتسع ونتكثر بمكيله..

وقال ابن كثير: هذا من تمام الكلام وتحسينه. أي: إن هذا يسير في مقابلة أخذ أخيهم لا يعدل هذا. فلا يكون من كلامهم، والجملة محتملة للكل.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ٦٦]]

قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ (٦٦)

قالَ أي لهم أبوهم لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ أي بهذه المقالة حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً

<<  <  ج: ص:  >  >>