هذا الوقت أفضل الأوقات. وقال الرازيّ: واعلم أن الاستغفار بالسحر له مزيد أثر في قوة الإيمان، وفي كمال العبودية.
الأول- أن وقت السحر يطلع نور الصبح بعد أن كانت الظلمة شاملة للكل، وبسبب طلوع نور الصبح كان الأموات يصيرون أحياء، فهناك وقت الجود العام، والفيض التام، فلا يبعد أن يكون عند طلوع صبح العالم الكبير، يطلع صبح العالم الصغير، وهو ظهور نور جلال الله تعالى في القلب.
والثاني- أن وقت السحر أطيب أوقات النوام، فإذا أعرض العبد عن تلك اللذة، وأقبل على العبودية، كانت الطاعة أكمل.
والثالث- نقل عن ابن عباس وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ يريد المصلين صلاة الصبح، انتهى.
وهذا الثالث أخرجه ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم. وعليه، فإنما سميت الصلاة استغفارا لأنهم طلبوا بفعلها المغفرة.
[لطيفة:]
قال الزمخشريّ: الواو المتوسطة بين الصفات، للدلالة على كمالهم في كل واحدة منها.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ١٨]]
شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)
شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ أي علم وأخبر أو قال أو بيّن أنه لا معبود حقيقيّ سوى ذاته العلية. وشهد بذلك وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ بالإقرار، وهذه مرتبة جليلة للعلماء، لقرنهم في التوحيد بالملائكة المشرفين، بعطفهم على اسم الله عزّ وجلّ قائِماً بِالْقِسْطِ أي بالعدل في أحكامه لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كرره تأكيدا وليبني عليه قوله الْعَزِيزُ فلا يرام جنابه عظمة الْحَكِيمُ فلا يصدر عنه شيء إلا على وفق الاستقامة- كذا في جامع البيان-.
وقال في الانتصاف: هذا التكرار لما قدمته في نظيره مما صدر الكلام به إذا طال عهده، وذلك أن الكلام مصدّر بالتوحيد، ثم أعقب التوحيد تعداد الشاهدين