للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدها ومعرفة بالأبواب التي دخل عليهم منها. وربما صحت الأجسام بالعلل.

[لطيفة:]

لفظ الثواب لا يستعمل في الأغلب إلا في الخير، ويجوز أيضا استعماله في الشر، لأنه مأخوذ من قولهم: ثاب إليه عقله، أي رجع إليه. قال تعالى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ [البقرة: ١٢٥] . والمرأة تسمى (ثيّبا) لأن الواطئ عائد إليها.

وأصل الثواب كل ما يعود إلى الفاعل من جزاء فعله، سواء كان خيرا أو شرّا، إلا أنه بحسب العرف اختص لفظ الثواب بالخير. فإن حملنا لفظ الثواب هاهنا على أصل اللغة استقام الكلام، وإن حملنا على مقتضى العرف كان ذلك واردا على سبيل التهكم، كما يقال: تحيته الضرب وعتابه السيف، أي جعل الغم مكان ما يرجون من الثواب على حد: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ [آل عمران: ٢١]- قاله الرازيّ-.

[تنبيه:]

قال المفضل: (لا) زائدة، والمعنى للتتأسفوا على ما فاتكم وعلى ما أصابكم عقوبة لكم، كقوله: أَلَّا تَسْجُدَ [الأعراف: ١٢] ، و: لِئَلَّا يَعْلَمَ [الحديد:

٢٩] ، أي أن تسجد وليعلم.

وعندي أنه بعيد، لا سيما مع تكرار (لا) في المعطوف، واستقامة المعنى الجيد على اعتبارها، فالوجه ما سلف.

وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ خيرا وشرا، قادر على مجازاتكم، وفيه أعظم زاجر عن الإقدام على المعصية. ثم إنه تداركهم سبحانه برحمته، وخفف عنهم ذلك الغم، وغيّبه عنهم بالنعاس الذي أنزله عليهم أمنا منه، كما قال:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ١٥٤]]

ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١٥٤)

ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً أي أمنا. والأمنة (بتحريك الميم) مصدر،

<<  <  ج: ص:  >  >>