الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا أي: قدر الموت والحياة فأمات من شاء وما شاء، وأحيى من أراد وما أراد، إلى أجل معلوم. أو أجد الحياة، وأزالها حسبما قدّره.
قال القاشانيّ: الموت والحياة من باب العدم والملكة. فإن الحياة هي الإحساس والحركة الإرادية ولو اضطرارية كالتنفس. والموت عدم ذلك عما من شأنه أن يكون له. وعدم الملكة ليس عدما محضا، بل فيه شائبة الوجود. والألم يعتبر فيه المحل القابل للأمر الوجوديّ، فلذلك صح تعلق الخلق به، كتعلقه بالحياة، وجعل الغرض من خلقهما، بلاء الإنسان في حسن العمل وقبحه، أي العلم التابع للمعلوم الذي يترتب عليه الجزاء، وهو العلم الذي يظهر على المظاهر الإنسانية بعد وقوع المعلوم، فإنه ليس إلا علم الله الكامن في الغيب، الظاهر بظهور المعلوم، لأن الحياة هي التي يتمكن بها على الأعمال، والموت هو الداعي إلى حسن العمل الباعث عليه، وبه يظهر آثار الأعمال، كما أن الحياة يظهر بها أصولها، وبهما تتفاضل النفوس في الدرجات، وتتفاوت في الهلاك والنجاة. وقدم الموت على الحياة، لأن الموت في عالم الملك ذاتيّ، والحياة عرضية. وقيل: إن أريد به العدم السابق، فتقدمه ظاهر، لسبقه على الوجود. أو العدم اللاحق، فتقديمه لأن فيه عظة وتذكرة، وردعا عن ارتكاب المعاصي.
وَهُوَ الْعَزِيزُ أي: الغالب الذي يقهر من أساء العمل الْغَفُورُ أي لذنوب من أناب إليه وأحسن العمل.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الملك (٦٧) : آية ٣]]