أن يكون تأكيدا لمضمون الأمر بإقامة الصلاة أيضا، من حيث إن تركها، كثيرا ما يكون بالاشتغال بالبيوع والمخالات. كما في قوله تعالى: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها [الجمعة: ١١] ، ولما ذكر أحوال الكافرين لنعم الله تعالى، وأمر المؤمنين بإقامة مراسم الطاعة شكرا لنعمه، شرع في تفصيل ما يستوجب على كافة الأنام المثابرة على الشكر والطاعة من النعم العظام، حثا للمؤمنين عليها وتقريعا للكفرة المخلين بها، الواضعين موضعها الكفر والمعاصي، فقال سبحانه:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة إبراهيم (١٤) : آية ٣٢]]
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ أي المزن ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ أي تعيشون به وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ أي السفن لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ أي بإرادته وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ أي فتجري حيث تشاؤون من شرب وسقي وسواهما.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة إبراهيم (١٤) : آية ٣٣]]
وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ أي يدأبان في سيرهما وإنارتهما ودرئهما الظلمات وإصلاحهما ما يصلحان من الأرض والأبدان والنبات وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ أي يتعاقبان خلفه، لمعاشكم وسباتكم.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة إبراهيم (١٤) : آية ٣٤]]
وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (٣٤)
وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ أي ما تحتاجون إليه مما تصلح أحوالكم ومعايشكم به، فكأنكم سألتموه أو طلبتموه بلسان الحال.
وقال القاشاني: مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ بألسنة استعداداتكم، فإن كل شيء