والبلكفة نحت، كالبسملة، أي بقولهم (بلا كيف) قال في (الانتصاف) : ولولا الاستنان بحسّان بن ثابت الأنصاريّ، صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وشاعره، والمنافح عنه، وروح القدس معه، لقلنا لهؤلاء المتلقبين ب (العدلية) وب (الناجين) سلاما، ولكن كما نافح حسان عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أعداءه، فنحن ننافح عن أصحاب سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أعداءهم، فنقول:
وجماعة كفروا برؤية ربّهم ... حقّا ووعد الله ما لن يخلفه
وتلقّبوا عدليّة. قلنا: أجل ... عدلوا بربهم. فحسبهمو سفه
وتلقّبوا الناجين. كلّا! إنهم ... إن لم يكونوا في لظى فعلى شفه
وقال أبو حيّان في الرد عليه:
شبهت جهلا صدر أمة أحمد ... وذوي البصائر بالحمير الموكفه
وجب الخسار عليك. فانظر منصفا ... في آية الأعراف فهي المنصفه
أترى الكليم أتى بجهل ما أتى ... وأتى شيوخك ما أتوا عن معرفه
إن الوجوه إليه ناظرة. بذا ... جاء الكتاب. فقلتم: هذا سفه
نطق الكتاب وأنت تنطق بالهوى ... فهوى الهوى بك في المهاوى المتلفة
وقال العلامة الجاربردي:
عجبا لقوم ظالمين تستّروا ... بالعدل. ما فيهم لعمري معرفه
قد جاءهم من حيث لا يدرونه ... تعطيل ذات الله مع نفي الصّفه
وقد ساق السبكي في (طبقاته) في ترجمة الجاربرديّ عدة قصائد ومقاطيع في الرد عليه، ثم ذكر الله تعالى أنه خاطب موسى باصطفائه، بقوله سبحانه:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : آية ١٤٤]]
قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٤٤)
قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ أي اخترتك على أهل زمانك، وآثرتك عليهم بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي أي: وبتكليمي إياك فَخُذْ ما آتَيْتُكَ أي ما أعطيتك من شرف النبوة والمناجاة وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ أي على النعمة في ذلك.