وفي ذلك كله من تكريم الرسول صلوات الله عليه، وحسن العناية به والرأفة، ما لا يخفى. ثم أشار إلى تضخيم شأن هذا المنزل الكريم، لنسبته إلى المتفرد بصفاته وأفعاله، بقوله:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة طه (٢٠) : الآيات ٤ الى ٥]
تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى (٤) الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (٥)
تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى الرَّحْمنُ قرئ بالرفع على المدح. أي هو الرحمن. وبالجر على أنه صفة للموصول. وقوله عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى أي علا وارتفع. قاله ابن جرير. وقد ذهب الخلف إلى جعل ذلك مجازا عن الملك والسلطان.
كقولهم (استوى فلان على سرير الملك) وإن لم يقعد على السرير أصلا.
وقد تقدم الكلام على ذلك في سورة الأعراف بما أغنى عن إعادته أيضا.
قال ابن كثير: والمسلك الأسلم في ذلك طريقة السلف، من إمرار ما جاء في ذلك من الكتاب والسنة، من غير تكييف ولا تحريف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تمثيل.
وقد أسلفنا ما حققته أئمة الفلك الحديث من أن العرش جرم حقيقيّ موجود.
وأنه مركز العوالم كلها. أي مركز الجذب والتدبير والتأثير والنظام.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة طه (٢٠) : آية ٦]]
لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى (٦)
لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى.
بيان لشمول قهره وملكته للكل. أي كلها تحت ملكته وقهره وسلطنته وتأثيره. لا توجد ولا تتحرك ولا تسكن ولا تتغير ولا تثبت إلا بأمره.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة طه (٢٠) : آية ٧]]
وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى (٧)
وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى.
بيان لكمال لطفه. أي علمه نافذ في الكل. يعلم ظواهرها وبواطنها والسر وسر السر. فكذلك إن تجهر وإن تخفت، فيعلمه بجهر وخفت.