للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الوعد بالسلطان النصير والإسلام ودولته وَزَهَقَ الْباطِلُ أي ذهب وهلك. وهو الشرك وجولته إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً أي مضمحلا غير ثابت في كل وقت.

[تنبيه:]

سياق هذه الآيات مع سباقها أعني قوله تعالى: وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ يدل على أن نزولها في أوقات الاهتمام للهجرة إلى المدينة، ومبارحة مكة، وأنه تعالى أمر نبيّه بأن يبتهل إليه في تيسير إدخاله لمهاجره على ما يرضيه، وإخراجه من بلده كذلك. وأن يجعل له حماية من لدنه، تعز جانبه وتعصمه ممن يرومه بسوء.

وأسلوب التنزيل العزيز في مثل هذا الدعاء، هو إرادة الخبر بحصول المدعوّ، ومشيئة الله بوقوعه عن قرب. ولذلك عقبه بقوله: وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إعلاما بأن الأمر تم، والفرج جاء، ودحر الباطل ورجع إلى أصله، وهو العدم.

روى الحافظ أبو يعلى عن جابر رضي الله عنه قال: دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة. وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما، تعبد من دون الله. فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكبّت على وجوهها. وقال: جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً ورواه الشيخان وغيرهما عن ابن مسعود، بنحوه.

قال في (الإكليل) فيه استحباب تلاوة هذه الآية عند إزالة المنكر.

ثم بيّن تعالى خسار المشركين، بإعراضهم عما يشفي أمراضهم المعنوية، وهو القرآن الكريم، ونجاح المؤمنين بالاستشفاء بهداه ورحمته، بقوله:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الإسراء (١٧) : آية ٨٢]]

وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَساراً (٨٢)

وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً أي وننزل عليك من القرآن ما يستشفى به من الجهل والضلالة. ورحمة ببيان الحقائق وإقامة البراهين للمؤمنين به، دون الكافرين. لأن المؤمنين يعملون بما فيه من فرائض الله وشرائعه. فيدخلهم الجنة وينجيهم من العذاب. فهو لهم رحمة ونعمة. ولا يزيد الظالمين، بكفرهم وشركهم، إلا خسارا. أي إهلاكا. لأنهم كلما جاءهم أمر من الله أو نهي، كفروا به، فزادهم خسارا إلى ما كانوا فيه قبل، ورجسا إلى رجسهم.

قال الشهاب: (الشفاء) استعارة تصريحية أو تخييلية. بتشبيه الكفر بالمرض.

و (من) بيانية. قدمت على المبيّن وهو (ما) اعتناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>