للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثابت عن مقره. وليس ذلك بحاصل لهم. وأصل (الإدحاض) إزلاق القدم وإزالتها عن موطئها. فاستعير من زلل القدم المحسوس، لإزالة الحق المعقول. قال الشهاب:

ولك أن تقول: فيه تشبيه كلامهم بالوحل المستكره.

ثم أنشد لنفسه:

أتانا بوحل لإنكاره ... ليزلق أقدام هذي الحجج

وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا أي وإنذارهم. أو والذي أنذروا به من العقاب هُزُواً أي استهزاء وسخرية وهو أشد التكذيب. وصف بالمصدر مبالغة.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الكهف (١٨) : آية ٥٧]]

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً (٥٧)

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها كناية عن عدم تدبرها والاتعاظ بها، بأبلغ أسلوب وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ أي ما عمله من الكفر والمعاصي، وصرف ما أنعم به، إلى غير ما خلقت له، فلم يتفكر في عاقبة ذلك إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ أي جعلنا عليها حجبا وأغطية كثيرة، كراهة أن يفقهوه، أي يقفوا على كنه ما خلقت النعم من أجله وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً أي وجعلنا فيها ثقلا يمنعهم من استماعه. والجملة تعليل لإعراضهم ونسيانهم، بأنهم مطبوع على قلوبهم. وذلك لإيثارهم الضلال على الهدى كما قال تعالى: فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [الصف: ٥] .

وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً أي فلا يكون منهم اهتداء، البتة.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الكهف (١٨) : آية ٥٨]]

وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (٥٨)

وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>