وعن النبيّ صلى الله عليه وسلم: علقوا السوط حيث يراه أهل البيت، فإنه آدب لهم. رواه عبد ابن حميد والطبرانيّ عن ابن عباس، وأبو نعيم في الحلية عن ابن عمر
فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا أي إذا رجعن عن النشوز عند هذا التأديب إلى الطاعة في جميع ما يراد منهن مما أباحه الله منهن، فلا سبيل للرجال عليهن بعد ذلك بالتوبيخ والأذية بالضرب والهجران إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً فاحذروه. تهديد للأزواج على ظلم النسوان من غير سبب. فإنهن، وإن ضعفن عن دفع ظلمكم، وعجزن عن الانتصاف منكم، فالله سبحانه عليّ قاهر كبير قادر، ينتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن، فلا تغتروا بكونكم أعلى يدا منهن وأكبر درجة منهن. فإن الله أعلى منكم وأقدر منكم عليهن. فختم الآية بهذين الاسمين، فيه تمام المناسبة. ولما ذكر تعالى حكم النفور والنشوز من الزوجة، ذكر ما إذا كان النفور من الزوجين بقوله:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ٣٥]]
وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما أصله شقاقا بينهما فأضيف الشقاق إلى الظرف.
إما على إجرائه مجرى المفعول به اتساعا. كقوله: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ [سبأ: ٣٣] . أصله بل مكر في الليل والنهار. أو مجرى الفاعل بجعل البين مشاقا والليل والنهار ماكرين. كما في قولك: نهارك صائم. والضمير للزوجين. ولم يجر ذكرهما لجري ما يدل عليهما، وهو الرجال والنساء. أي إن علمتم مخالفة مفرقة بينهما، واشتبه عليكم أنه من جهته أو من جهتها، ولا يفعل الزوج الصالح ولا الصفح ولا الفرقة، ولا تؤدي المرأة الحق ولا الفدية فَابْعَثُوا أي إلى الزوجين لإصلاح ذات البين وتبيّن الأمر حَكَماً رجلا صالحا للحكومة، والإصلاح ومنع الظالم من الظلم مِنْ أَهْلِهِ أي أقارب الزوج وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها على صفة الأول.
فإن الأقارب أعرف ببواطن الأحوال. وأطلب للإصلاح. فيلزمها أن يخلوا ويستكشفا حقيقة الحال فيعرفا أن رغبتهما في الإقامة أو الفرقة إِنْ يُرِيدا أي الحكمان إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما أي يوقع بينهما الموافقة فيتفقان على الكلمة الواحدة ويتساندان في طلب الوفاق حتى يحصل الغرض ويتم المراد. أو الضمير الأول للحكمين، والثاني للزوجين. أي إن قصدا إصلاح ذات البين وكانت نيتهما صحيحة وقلوبهما ناصحة لوجه الله، بورك في وساطتهما، وأوقع الله بحسن سعيهما بين