هو لتعظيمه، ببيان قربه، وكونه حبيبه، حتى كأنّ ما يؤذيه يؤذيه. كما أن من يطيعه يطيع الله. وقد روى الطبريّ عن ابن عباس أنها نزلت في الذين طعنوا على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، حين اتخذ صفية بنت حييّ. وهذا في الحقيقة من أفراد ما تشمله الآية. بل لو قيل إنها عني بها من خاض في مسألة زينب، لكان أقرب، لتقارب الآيات في الباب الواحد، وتناسقها كسلسلة واحدة، في تلك المسألة التي كانت المقصود الأعظم من السورة بتمامها. كما لا يخفى على من تدبرها. وبالجملة، فاللفظ عامّ في كل ما يصاب به صلّى الله عليه وسلّم من أنواع المكروه. فيدخل المقصود من التنزيل دخولا أوليّا. وعلى هذا، فالأذية على حقيقتها. وقيل المراد بأذية الله ورسوله، ارتكاب ما لا يرضيانه، مجازا مرسلا. لأنه سبب، أو لازم له. وإن كان بالنسبة إلى غيره، فإنه كان في العلاقة وذكر الله والرسول على ظاهره. ومن جوّز إطلاق اللفظ الواحد على معنيين، كاستعمال اللفظ المشترك في معنييه، أو في حقيقته ومجازه، فسر الأذية بالمعنيين باعتبار المعمولين. فتكون بالنسبة إليه تعالى، ارتكاب ما يكره مجازا، وإلى الرسول على ظاهره. فإن تعدد المعمول بمنزلة تكرر لفظ العامل. فيجيء فيه الجمع بين المعنيين.
وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ أي بقول أو فعل بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا أي بغير جناية يستحقون بها الأذية فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً أي ظاهرا بيّنا.
قال الزمخشريّ: أطلق إيذاء الله ورسوله، وقيد إيذاء المؤمنين والمؤمنات، لأن أذى الله ورسوله لا يكون إلا غير حق أبدا. وأما أذى المؤمنين والمؤمنات، فمنه ومنه.
[تنبيه:]
في (الإكليل) : في هذه الآية تحريم أذى المسلم، إلا بوجه شرعيّ. كالمعاقبة على ذنب. ويدخل في الآية كل ما حرم للإيذاء. كالبيع على بيع غيره، والسوم على سومه، والخطبة على خطبته. وقد نص الشافعيّ على تحريم أكل الإنسان مما يلي غيره، إذا اشتمل على إيذاء.