للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكون أعظم مهذب لنفسه، ومؤدب لعقله وحسه، اعتقاده بأن الله عليم بما يسر ويعلن، ويظهر ويبطن، وأنه ناظر إليه ومطلع عليه.؟ بلى «١» إن الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وأما الذين ضلوا السبيل، واتبعوا فاسد التأويل، فيقولون كما قال من قبلهم وقص الله علينا ذلك بقوله عزّ وجلّ. سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا ... الآية. فانظر كيف رماهم العليم الحكيم بالجهل، وجعل احتجاجهم بالقدر من أسباب وقوع البأس والبلاء بهم.

وفي هذا القدر كفاية لمن لم ينطمس نور الفطرة من قلبه، والله عليم حكيم.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ١٥٠]]

قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هذا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١٥٠)

قوله تعالى: قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ أي: احضروهم الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هذا يعني ما تقولون من الأنعام والحرث. والمراد ب (شهدائهم) قدوتهم الذين


(١)
أخرجه البخاري في: الإيمان، ٣٧- باب سؤال جبريل النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان، الحديث رقم ٤٦ ونصه: عن أبي هريرة قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم بارزا يوما للناس. فأتاه جبريل فقال:
ما الإيمان؟
قال: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ورسله وتؤمن بالبعث» .
قال: ما الإسلام؟
قال: «الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان» .
قال: ما الإحسان.
قال: «أن تعبد الله كأنك تراه. فإن لم تكن تراه فإنه يراك» .
قال: متى الساعة؟
قال: «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل. وسأخبرك عن أشراطها: إذا ولدت الأمة ربها. وإذا تطاول رعاة الإبل البهم في البنيان. في خمس لا يعلمهنّ إلا الله» .
ثم تلا النبيّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ... الآية.
ثم أدبر.
فقال «ردوه» .
فلم يروا شيئا.
فقال: «هذا جبريل جاء يعلّم الناس دينهم»
.

<<  <  ج: ص:  >  >>