في ذلك من المصلحة. لأن القاتل لو أخذ بالدية لأوشك أن تأتي على جميع ماله. لأن تتابع الخطأ لا يؤمن. ولو ترك بغير تغريم لأهدر دم المقتول. كذا في (نيل الأوطار) .
قال المهايميّ: تجب الدية على كل عاقلة القاتل. وهم عصبته غير الأصول والفروع. لأنه لما عفي عن القاتل فلا وجه للأخذ منه. وأصوله وفروعه أجزاؤه.
فالأخذ منهم أخذ منه. ولا وجه لإهدار دم المؤمن. فيؤخذ من عاقلته الذين يرثونه بأقوى الجهات وهي العصبية. لأن الغرم بالغنم. فإن لم يكن له عاقلة، أو كانوا فقراء، فعلى بيت المال. انتهى.
وقد خالف أبو بكر الأصم وجمهور الخوارج. فأوجبوا الدية على القاتل لا على عاقلته. واحتجوا بوجوه خمسة عقلية. ساقها الفخر الرازيّ. هنا. وكلها مما لا يساوي فلسا. إذ هي من معارضة النص النبويّ بالرأي المحض.
اللهم: إنا نبرأ إليك من ذلك. وقد غفلوا عن حكمة المشروعية على العاقلة التي بيّناها.
دعوا كل قول عند قول محمد ... فما آمن في دينه كمخاطر
[تنبيه:]
يشتمل قوله تعالى فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ تسليمها حالّة ومؤجلة. إلا أن الإجماع قد وقع على أن دية الخطأ مؤجلة على العاقلة. ولكن اختلفوا في مقدار الأجل. فذهب الأكثر إلى أن الأجل ثلاث سنين. وقال ربيعة: إلى خمس. وحكى في (البحر) عن بعض الناس بعد حكايته للإجماع السابق: أنها تكون حالّة. إذ لم يرو عنه صلى الله عليه وسلم تأجيلها. قال في (البحر) قلنا:
روي عن عليّ رضي الله عنه أنه قضى بالدية على العاقلة في ثلاث سنين
. وقاله عمر وابن عباس. ولم ينكر. انتهى.
قال الشافعيّ في (المختصر) : لا أعلم مخالفا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدية على العاقلة في ثلاث سنين.
قال الرافعيّ: تكلم أصحابنا في ورود الخبر بذلك. فمنهم من قال: ورد.
ونسبه إلى رواية عليّ عليه السلام. ومنهم من قال: ورد أنه صلى الله عليه وسلم قضى بالدية على العاقلة. وأما التأجيل فلم يرد به الخبر. وأخذ ذلك من إجماع الصحابة.
وقال ابن المنذر: ما ذكره الشافعيّ لا نعرفه أصلا من كتاب ولا سنة. وقد سئل عن ذلك أحمد بن حنبل فقال: لا نعرف فيه شيئا. فقيل: إن أبا عبد الله، يعني