للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أن السلام مشروع، وأنه ينبغي أن يكون الردّ أفضل، لقول إبراهيم:

سَلامٌ بالرفع، كما تقدم سره- انتهى- ومنها: مشروعية الضيافة، والمبادرة إليها، واستحباب مبادرة الضيف بالأكل منها.

ومنها: استحباب خدمة الضيف، ولو للمرأة، لقول مجاهد: وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ- أي في خدمة أضياف إبراهيم. قال في (الوجيز) : وكنّ لا يحتجبن، كعادة العرب ونازلة البوادي، أو كانت عجوزا، وخدمة الضيفان من مكارم الأخلاق.

ومنها: جواز مراجعة المرأة الأجانب في القول، وأن صوتها ليس بعورة. كذا في (الإكليل) .

ومنها: أن امرأة الرجل من أهل بيته، فيكون أزواجه عليه الصلاة والسلام من أهل بيته. ويأتي ذلك أيضا في آية: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ [هود: ٨١] و [الحجر: ٦٥] .

وقوله تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة هود (١١) : آية ٧٧]]

وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧)

وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً أي بعد منصرفها من عند إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وكان مقيما في (بلوط ممرا) التي ب (حبرون) المدينة المعروفة اليوم ب (الخليل) سِيءَ بِهِمْ أي ساءه مجيئهم، لأنهم أتوه على صورة مرد، حسان الوجوه، فخاف أن يقصدهم قومه، لظنه أنهم بشر وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً يقال: ضاق بالأمر ذرعه وذراعه، وضاق به ذرعا، أي ضعفت طاقته، لم يجد من المكروه فيه مخلصا.

قال الجوهري: أصل الذرع بسط اليد، فكأنك تريد: مددت يدك إليه فلم تنله. وقيل: وجه التمثيل أن القصير الذراع لا ينال ما يناله الطويل الذراع، ولا يطيق طاقته فضرب مثلا للذي سقطت قوته، دون بلوغ الأمر والاقتدار عليه.

وقال الأزهريّ: الذرع يوضع موضع الطاقة، والأصل فيه، أن البعير يذرع بيديه في سيره ذرعا، على قدر سعة خطوه، فإذا حمل عليه أكثر من طوقه، طاق به ذرعا عن

<<  <  ج: ص:  >  >>