للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على جوازها عند ذلك الإمام مرتضى اليماني في كتابه (إيثار الحق على الخلق) فقال ما نصه:

وزاد الحق غموضا وخفاء أمران:

أحدهما: خوف العارفين، مع قلتهم، من علماء السوء وسلاطين الجور، وشياطين الخلق، مع جواز التقية عند ذلك بنص القرآن وإجماع أهل الإسلام. وما زال الخوف مانعا من إظهار الحق، ولا برح المحق عدوّا لأكثر الخلق. وقد صح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال في ذلك العصر الأول: حفظت من رسول الله صلّى الله عليه وسلم «١» وعاءين فأما أحدهما فبثثته في الناس، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم. وما زال الأمر في ذلك يتفاحش. وقد صرح الغزاليّ بذلك في خطبة (المقصد الأسنى) ولوّح بمخالفته أصحابه فيها كما صرح بذلك في شرح (الرحمن الرحيم) فأثبت حكمة الله ورحمته، وجوّد الكلام في ذلك، وظن أنهم لا يفهمون المخالفة، لأن شرح هذين الاسمين ليس هو موضع هذه المسألة، ولذلك طوى ذلك، وأضرب عنه في موضعه، وهو اسم الضار كما يعرف ذلك أذكياء النظار.

وأشار إلى التقية الجوينيّ في مقدمات (البرهان) في مسألة قدم القرآن.

والرازيّ في كتابه المسمّى (بالأربعين في أصول الدين) - إلى آخر ما ساقه المرتضى فانظره.

وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ أي ذاته المقدسة، فلا تتعرضوا لسخطه بمخالفة أحكامه، وموالاة أعدائه، وهو تهديد عظيم مشعر بتناهي المنهيّ في القبح. وذكر النفس، ليعلم أن المحذر منه عقاب يصدر منه تعالى، فلا يؤبه دونه بما يحذر من الكفرة وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ أي المنقلب والمرجع ليجازي كل عامل بعمله.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ٢٩]]

قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٩)

قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ هذا توعد. وأراد إخفاء مودة الكفار وموالاتهم


(١) أخرجه البخاريّ في: العلم، ٤٢- باب حفظ العلم، حديث ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>