وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ أي التوراة فَاخْتُلِفَ فِيهِ أي آمن به قوم، وكفر به آخرون، كما اختلف هؤلاء في القرآن وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ يعني ما أشير إليه في قوله تعالى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ [الأنفال: ٣٣] ، لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ أي باستئصالهم. وَإِنَّهُمْ أي هؤلاء، وهم كفار مكة لَفِي شَكٍّ مِنْهُ أي القرآن مُرِيبٍ أي موقع للناس في الريبة.
وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ أي فلا يخفى عليه شيء منه، وسيجزيهم عليه. والتنوين في (كلّا) عوض عن المضاف، أي وإن كل المختلفين فيه.
[تنبيه:]
في هذه الآية قراءات: قرئ (إنه) و (لما) مخففتين ومشددتين، وبتخفيف (إن) وتشديد (لما) ، وبعكسها، وهذه الأربع قراءات كلها متواترة.
فأما الأولى: ففيها إعمال (إن) المخففة، وهي لغة ثابتة عن العرب، واللام في (لما) لأمر الابتداء، داخلة في خبر (إن) و (ما) إما موصولة بمعنى (اللذين) واقعة على من يعقل، واللام في (ليوفينهم) جواب قسم مضمر. أي: وإن كلّا الذين، والله! ليوفينهم. وإما نكرة موصوفة، والجملة القسمية وجوابها صفة (ما) . أي: وإن كلّا لخلق، أو لفريق والله! ليوفينهم. وقيل: اللام الأولى موطئة للقسم، ولما اجتمع اللامان، واتفقا في اللفظ، فصل بينهما ب (ما) فهي زائدة لإصلاح اللفظ. وقيل:
اللام المذكورة هي الفارقة بين المخاففة والنافية. وقيل: إنها جواب القسم كررت تأكيدا.
وأما الثانية: وهي تشديدهما، ف (إن) على حالها. وما بعدها منصوب على أنه اسمها، و (لمّا) بمعنى (إلّا) أو جازمة بمعنى (لم) ومجزومها محذوف. أي: لما