الآيات، ومما يؤيده شمولة لشدة الأمر من السماء والأرض، فيطابق هذه الآيات. وأما غيره فمقصور على ناحية الأرض فقط. وجلي أن الأمر كان أعم- والله أعلم-.
قُلْنَا احْمِلْ فِيها أي في السفينة مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ أي صنفين من البهائم والطيور وما يدب على وجه الأرض اثْنَيْنِ أي ذكرا وأنثى.
قال أبو البقاء: يقرأ (كلّ) بالإضافة وفيه وجهان:
أحدهما- أن مفعول (احمل) (اثنين) و (من) حال.
والثاني- أن (من) زائدة، والمفعول (كلّ) و (اثنين) توكيد. ويقرأ من كل (بالتنوين) ، ف (زوجين) مفعول (احمل) و (اثنين) توكيد له، و (من) متعلقة ب (احمل) أو حال. انتهى.
وَأَهْلَكَ أي من يتصل بك في دينك وسيرتك من أقاربك، إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ أي وجب عليه الْقَوْلُ أي بالإغراق بسبب ظلمه، وَمَنْ آمَنَ أي احمله معك فيها. قال أبو السعود: وإفراد الأهل منهم للاستثناء المذكور، وإيثار صيغة الإفراد في (آمن) محافظة على لفظ (من) للإيذان بقلتهم، كما أعرب عنه قوله، عزّ قائلا: وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة هود (١١) : آية ٤١]]
وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٤١)
وَقالَ أي نوح عليه السلام لمن معه من المؤمنين ارْكَبُوا فِيها أي السفينة بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها قال الزمخشري: يجوز أن يكون كلاما واحدا، وكلامين، فالكلام الواحد أن يتصل (بسم الله) ب (اركبوا) حالا من الواو، بمعنى:
ركبوا فيها مسمين الله، أو قائلين بسم الله وقت إجرائها، ووقت إرسائها، إما لأن المجري والمرسى للوقت، وإما لأنهما مصدران، كالإجراء والإرسال، حذف منهما الوقت المضاف، كقولهم: (خفوق النجم) و (مقدم الحاج) ويجوز أن يراد مكانا الإجراء والإرساء وانتصابهما، بما في (بسم الله) من معنى الفعل، أو بما فيه من إرادة القول.
والكلامان: أن يكون بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها جملة من مبتدأ وخبر مقتضبة أي: بسم الله إجراؤها وإرساؤها يروى أنه كان إذا أراد أن تجري قال: بسم الله، فجرت، وإذا أراد أن ترسوا قال: بسم الله، فرست. وجوز أن يقحم الاسم، كقوله: ثم اسم السلام عليكما. ويراد: بالله إجراؤها وإرساؤها، أي بقدرته وأمره،