مختلفة، وتصريفه في أحوال متباينة، وإحياء الأرض بعد موتها، حاصل بسبب أن الله هو الحق وحده في ذاته وصفاته وأفعاله. المحقق لما سواه من الأشياء، فهي من آثار ألوهيته وشؤونه الذاتية وحده وما سواه مما يبعد باطل، لا يقدر على شيء من ذلك وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى أي يقدر على إحيائها، إذ أحيى النطفة والأرض الميتة وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فإن القدرة التي جعل بها هذه الأشياء العجيبة، لا يمتنع عليها شيء وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها أي لاقتضاء الحكمة إياها. فهي في وضوح دلائلها التكوينية، بحيث ليس فيها مظنة أن يرتاب في إتيانها وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ أي من الأموات، أحياء إلى موقف الحساب.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الحج (٢٢) : الآيات ٨ الى ١٠]
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ أي يجادل في شأنه تعالى من غير تمسك بعلم ضروريّ، ولا باستدلال ونظر صحيح، يهدي إلى المعرفة. ولا بوحي مظهر للحق. أي بل بمجرد الرأي والهوى، وهذه الآية في حال الدعاة إلى الضلال من رؤوس الكفر المقلدين- بفتح اللام- كما أن ما قبلها في حال الضّلّال الجهال المقلدين- بكسر اللام- فلا تكرار أو أنهما في الدعاة المضلين واعتبر تغاير أوصافهم فيها، فلا تكرار أيضا.
قال في (الكشف) : والأول أظهر وأوفق بالمقام. وكذا اختاره أبو مسلم فيما نقله عنه الرازيّ، ثم قال: فإن قيل كيف يصح ما قلتم، والمقلد لا يكون مجادلا؟
قلنا: قد يجادل تصويبا لتقليده وقد يورد الشبهة الظاهرة إذا تمكن منها، وإن كان معتمده الأصليّ هو التقليد.
وقوله ثانِيَ عِطْفِهِ حال من فاعل (يجادل) أي عاطفا لجانبه إعراضا واستكبارا عن الحق، إذا دعي إليه.
قال الزمخشريّ: ثنى العطف عبارة عن الكبر والخيلاء. كتصعير الخدّ وليّ الجيد.
وقوله: لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي ليصد عن دينه وشرعه، متعلق ب (يجادل)