معاوية، وعليهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فغلّ رجل من المسلمين مائة دينار رومية، فلما قفل الجيش ندم، وأتى الأمير، فأبى أن يقبلها منه، وقال: قد تفرق الناس، ولن أقبلها منك حتى تأتي الله بها يوم القيامة، فجعل الرجل يأتي الصحابة، فيقولون له مثل ذلك. فلما قدم دمشق ذهب إلى معاوية ليقبلها منه، فأبى عليه، فخرج من عنده وهو يبكي ويسترجع، فمرّ بعبد الله ابن الشاعر السّكسكي، فقال له: ما يبكيك؟ فذكر له أمره، فقال له: أو مطيعي أنت؟ فقال: نعم. فقال: اذهب إلى معاوية فقل له: اقبل مني خمسك، فادفع إليه عشرين دينارا، وانظر إلى الثمانين الباقية، فتصدق بها عن ذلك الجيش، فإن الله يقبل التوبة عن عباده، وهو أعلم بأسمائهم ومكانهم، ففعل الرجل. فقال معاوية: لأن أكون أفتيت بها، أحب إليّ من كل شيء أملكه. أحسن الرجل. انتهى.
في هذه الرواية إثبات ولد لخالد، وفي ظني أن صاحب (أسد الغابة) ذكر أنه لم يعقب، فليحقق.
وَقُلِ أي لأهل التوبة والتزكية، والصلاة، لا تكتفوا بها بل اعْمَلُوا جميع ما تؤمرون به فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ أي فيزيدكم قربا على قرب وَرَسُولُهُ فيزيدكم صلوات وَالْمُؤْمِنُونَ فيتبعونكم، فيحصل لكم أجرهم، من غير أن ينقص من أجورهم شيء- هكذا قاله المهايمي- وهو قوي في الارتباط.
وقال أبو مسلم: إن المؤمنين شهداء الله يوم القيامة، كما قال وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ... [البقرة: ١٤٣] الآية- والشهادة لا تصح إلا بعد الرؤية، فذكر تعالى أن الرسول عليه السلام والمؤمنين يرون أعمالهم، والمقصود التنبيه على أنهم يشهدون يوم القيامة، عند حضور الأولين والآخرين، بأنهم أهل الصدق والسداد والعفاف والرشاد.
ونقل عن مجاهد أن الآية وعيد للمخالفين أوامره، بأن أعمالهم ستعرض عليه تبارك وتعالى وعلى الرسول والمؤمنين.