مكروه ومشقة، لما كف أيديكم عنهم، ولأذن لكم في دخول مكة مقاتليهم.
والثاني- أنه مذكور، وهو لَعَذَّبْنَا وجواب (لو) هو المحذوف. فحذف من الأول لدلالة الثاني، ومن الثاني لدلالة الأول.
والثالث- أن قوله لَعَذَّبْنَا جوابهما معا، وهو بعيد إن أريد حقيقة ذلك.
وذكر الزمخشريّ قريبا من هذا فإنه قال: ويجوز أن يكون لَوْ تَزَيَّلُوا كالتكرير ل لَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ لمرجعهما لمعنى واحد، ويكون لَعَذَّبْنَا هو الجواب. ومنع الشيخ رجوعهما لمعنى واحد، قال: لأن ما تعلق به الأول غير ما تعلق به الثاني- أفاده السمين-.
وأجاب الناصر بقوله: وإنما كان مرجعهما هاهنا واحدا، وإن كانت (لولا) تدل على امتناع لوجود، و (لو) تدل على امتناع لامتناع. وبين هذين تناف ظاهر، لأن (لولا) هاهنا دخل على وجود، و (لو) دخلت على قوله تَزَيَّلُوا وهو راجع إلى عدم وجودهم. وامتناع عدم الوجود وجود. فآلا إلى أمر واحد من هذا الوجه. قال:
وكان جدّي رحمه الله يختار هذا الوجه الثاني، ويسميه تطرية. وأكثر ما تكون إذا تطاول الكلام، وبعد عهد أوله، واحتيج إلى ردّ الآخر على الأول، فمرة يطري بلفظه، ومرة بلفظ آخر يؤدي مؤداه وقد تقدمت لهما أمثال.
[تنبيه:]
فسر ابن إسحاق (المعرة) بالدية، ذهابا إلى أن دار الحرب لا تمنع من ذلك.
وهو مذهب الشافعيّ. وذهب غيرهما إلى أنها تمنع من ذلك، ومنهم ابن جرير حيث قال:(المعرة) هي كفارة قتل الخطأ، وذلك عتق رقبة مؤمنة لمن أطاق ذلك، ومن لم يطق فصيام شهرين. قال: وإنما اخترت هذا القول، دون القول الذي قاله ابن إسحاق، لأن الله إنما أوجب على قاتل المؤمن في دار الحرب- إذا لم يكن هاجر منها، ولم يكن قاتله علم إيمانه- الكفارة دون الدية فقال فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ لم يوجب على قاتله خطأ ديته، فلذلك قلنا: عنى بالمعرة في هذا الموضع الكفارة. انتهى.
لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ متعلق بما يدل عليه الجواب المحذوف، كأنه قيل عقيبه: لكن كفها عنهم، ولم يأذن لكم في مقاتلتهم، ليدخلكم في رحمته الكاملة بحفظكم من المعرة. وقد جوز أن يكون مَنْ يَشاءُ عبارة عمن رغب في الإسلام من المشركين، وعليه اقتصر ابن جرير، قال: أي ليدخل الله في