جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ أي كفر به، وهو الله تعالى، أو نوح وما جاء به، فهو من (الكفر) ضد الإيمان. أو هو نوح عليه السلام لأنه نعمة كفروها، فهو متعد بنفسه، استعير لنوح النعمة بطريق الكناية، ونسب الكفران تخييلا أو حقيقة. وَلَقَدْ تَرَكْناها أي قصة نوح آيَةً أي جعلناها عبرة يعتبر بها فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ؟ أي معتبر ومتعظ. وأصله (مذتكر) . فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ أي عذابي لهؤلاء الكفرة، قوم نوح، وإنذاراتي بما أحللت بهم، ليحذر أمثالهم وينتهوا عما يقترفونه.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة القمر (٥٤) : آية ١٧]]
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ أي سهلناه للادّكار والاتعاظ، لكثرة ما ضرب فيه من الأمثال الكافية الشافية فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ؟ أي فيعتبر بما فيه، ويثوب إلى رشده.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة القمر (٥٤) : الآيات ١٨ الى ٢٢]
كَذَّبَتْ عادٌ أي نبيّهم هودا عليه السلام، بمثل ما كذّبت به قوم نوح فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً أي شديد الهبوب، لها صرير، أو باردة، فِي يَوْمِ نَحْسٍ أي شر وشؤم عليهم مُسْتَمِرٍّ أي استمر عليهم ودام حتى أهلكهم، أو شديد المرارة لعظم بلائه، تَنْزِعُ النَّاسَ أي تقلعهم عن أماكنهم. كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ أي أصول نخل منقلع من مغارسه. وأصل (مّنقعر) ما أخرج من القعر فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ كرّره للتهويل وللتنبيه على فرط عتوّهم. أي فكيف كان عذابي لقومه. وإنذاري لهم على لسانه؟ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ؟
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة القمر (٥٤) : الآيات ٢٣ الى ٣٢]