وهو لم يرد ذلك، لقوله: وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ [الإسراء: ٥٩] .
وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ قال الزمخشري: أمر منهم للمؤمنين كافة بالتوكل، وقصدوا به أنفسهم قصدا أوليا وأمروها به كأنهم قالوا: ومن حقنا أن نتوكل على الله في الصبر على معاندتكم وما يجري علينا منكم. ألا ترى إلى قوله:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة إبراهيم (١٤) : آية ١٢]]
وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ ومعناه: وأيّ عذر لنا في أن لا نتوكل عليه وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا أي: أرشد كلّا منا سبيله ومنهاجه الذي شرع له، وأوجب عليه سلوكه في الدين. وحيث كانت أذية الكفار مما يوجب القلق والاضطراب القادح في التوكل، قالوا على سبيل التوكيد القسميّ، مظهرين لكمال العزيمة: وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا أي: من الكلام السّيئ والأفعال السخيفة. وقوله: وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ فيه اهتمام بالتوكل عليه سبحانه، لأن مقام الدعوة يقتضيه. ولذا أعيد ذكره.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ١٣ الى ١٤]
وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ، ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ يخبر تعالى عما توعد به الكافرون رسلهم، لما رأوهم صابرين متوكلين، لا يهمهم شأنهم من الإخراج من الأرض، والنفي من بين أظهرهم، أو العود في ملتهم. والمعنى: ليكونن أحد الأمرين.