للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كان لهم الكلمة النافذة والوجاهة التامة فهيهات أن تغني عنهم، وهذه المواعيد الهائلة تخفق فوق رؤوسهم.. ولذا قال العلّامة الزمخشريّ: فيا حسرة على المسلمين في إعراضهم عن باب التناهي عن المناكير، وقلّة عبئهم به. كأنه ليس من ملّة الإسلام في شيء. مع ما يتلون من كتاب الله، وما فيه من المبالغات في هذا الباب. وقد مرّ عند قوله تعالى: لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ [المائدة: ٦٣] ما يؤيد ما هنا، فتذكّر.

الخامس: قال الزمخشريّ: فإن قلت: كيف وقع ترك التناهي عن المنكر تفسيرا للمعصية والاعتداء؟ قلت: من قبل أن الله تعالى أمر بالتناهي. فكان الإخلال به معصية، وهو اعتداء.

ولما وصف تعالى أسلافهم بما مضى، وصف الحاضرين بقوله:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المائدة (٥) : آية ٨٠]]

تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ (٨٠)

تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ أي: من أهل الكتاب يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أي: يوالون المشركين، بغضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الرازيّ: والمراد منهم كعب بن الأشرف وأصحابه، حين استجاشوا المشركين على الرسول صلى الله عليه وسلم: وذكرنا ذلك في قوله تعالى: وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا.

لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أي: لبئس شيئا قدموا لمعادهم. وقوله تعالى:

أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ هو المخصوص بالذم، على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، تنبيها على كمال التعلق والارتباط بينهما كأنهما شيء واحد، ومبالغة في الذم. والمعنى: لبئس زادهم في الآخرة موجب سخطه تعالى عليهم وَفِي الْعَذابِ أي: عذاب جهنم هُمْ خالِدُونَ.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المائدة (٥) : آية ٨١]]

وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٨١)

وَلَوْ كانُوا أي: هؤلاء الذين يتولون عبدة الأوثان من أهل الكتاب يُؤْمِنُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>