للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث- قال الرازيّ: المراد من الآية بيان ثواب الأعمال الصالحة، أو بيان كل عمل. نقول: المشهور أنها لكل عمل، فالخير مثاب عليه، والشر معاقب به، والظاهر أنه لبيان الخيرات، يدل عليه اللام في قوله تعالى لِلْإِنْسانِ فإن اللام لعود المنافع، و (على) لعود المضار. تقول: هذا له، وهذا عليه، ويشهد له، ويشهد عليه، في المنافع والمضار. وللقائل الأول أن يقول بأن الأمرين إذا اجتمعا غلب الأفضل، كجموع السلامة تذكّر، إذا اجتمعت الإناث مع الذكور. وأيضا يدل عليه قوله تعالى ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى والْأَوْفى لا يكون إلا في مقابلة الحسنة، وأما في السيئة فالمثل أو دونه، أو العفو بالكلية. انتهى.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (٥٣) : الآيات ٤٠ الى ٤١]

وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى (٤٠) ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى (٤١)

وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى أي يراه، ويعرض عليه، ويكشف له. من (أريت الشيء) أو يرى للخلق وللملائكة. ففيه بشارة للمؤمن، وإفراح له، ونذارة للكافر، وإرهاب له، أو هو من (رأى) المجرد. أي يراه. كقوله تعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ [التوبة: ١٠٥] ، ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى أي يجزى سعيه جزاء وافرا لا يبخس منه شيئا.

قال الشهاب: أصله يجزي الله الإنسان سعيه، ف (الجزاء) منصوب بنزع الخافض، و (سعيه) هو المفعول الثاني، وهو يتعدى له بنفسه. نحو: جزاك الله خيرا.

وجزاؤه سعيه بمعنى جزائه بمثله. أو هو مجاز. وقيل: المنصوب بنزع الخافض الضمير، والتقدير: بسعيه أو على سعيه- كما في (الكشاف) -.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (٥٣) : الآيات ٤٢ الى ٤٩]

وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى (٤٢) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى (٤٣) وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا (٤٤) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٤٥) مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى (٤٦)

وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى (٤٧) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى (٤٨) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى (٤٩)

وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى أي انتهاء الخلق، ورجوعهم لمجازاتهم. والمخاطب وإما عامّ، أي أيها السامع أو العاقل، ففيه وعد ووعيد أو خاص بالنبيّ صلوات الله عليه، ففيه تسلية عما كان يلاقيه من جفاء قومه وجهلهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>