وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً أي في جنسكم وشكلكم إناثا أزواجا لتأنسوا بها وتحصل المودة والألفة والرحمة وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً أي بنات وأولاد أولاد وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وهو منفعة الأصنام وشفاعتها وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ أي في إضافة نعمه إلى الأصنام، أو في تحريم ما أحل لهم وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً أي من مطر أو نبات و (شيئا) نصب على المفعولية من (رزق) إن كان مصدرا. وإن جعل اسما للمرزوق ف (شيئا) بدل منه بمعنى قليلا. و (من السموات) متعلق ب (يملك) على كون الرزق مصدرا. أو هو صفة ل (رزقا) وَلا يَسْتَطِيعُونَ أي أن يتملكوه. أو لا استطاعة لهم أصلا. أو الضمير للمشركين. أي ولا يستطيعون، مع أنهم أحياء متصرفون فكيف بالجماد؟
فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ أي فلا تجعلوا له أندادا وأمثالا. والضرب للمثل فيه معنى الجعل. والأمثال جمع (مثل) بكسر فسكون على هذا، وقيل جمع (مثل) بفتحتين والآية استعارة تمثيلية للإشراك به. حيث جعل المشرك به الذي يشبهه بخلقه، بمنزلة ضارب المثل. فإن المشبه المخذول يشبه صفة بصفة، وذاتا بذات.
كما أن ضارب المثل كذلك. فكأنه قيل: ولا تشركوا. وعدل عنه لما ذكر، دلالة على التعميم في النهي عن التشبيه وصفا وذاتا. وفي لفظة (الأمثال) لمن لا مثال له، نعي عظيم على سوء فعلهم. كذا في (شرح الكشاف) .
إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ أي يعلم قبح ما تشركون وأنتم لا تعلمونه. ولو علمتموه لما جرأتم عليه، فهو تعليل للنهي. أو يعلم كنه الأشياء وأنتم لا تعلمونه، فدعوا رأيكم وقياسكم دون نصه. ولما نهاهم عن ضرب المثل الفعلي وهو الإشراك، عقبه بالكشف لذي البصيرة، عن حالهم في تلك الغفلة، وحال من تابعهم، بقوله سبحانه:
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً، هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ، بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ يعني أن مثل هؤلاء في