إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ أي فلا تدعكم الرغبة في الحياة إلى ترك الجهاد وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ أي ثواب إيمانكم وتقواكم وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ أي لأنه غنيّ عنكم، وإنما يريد منكم التوحيد، ونبذ الأوثان، والطاعة لما أمر به ونهى عنه.
قال بعض المفسرين: أي لا يسألكم جميع أموالكم، بل يقتصر منكم على جزء يسير، كربع العشر وعشره. إشارة إلى إفادة الجمع المضاف للعموم، وهو معطوف على الجزاء. والمعنى: إن تؤمنوا لا يسألكم الجميع، أي: لا يأخذه منكم، كما يأخذ من الكفار جميع أموالهم. ولا يخفى حسن مقابلته لقوله يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ أي يعطكم كل الأجور، ويسألكم بعض المال- هذا ما قاله الشهاب-.
والظاهر أن المراد بيان غناه تعالى عن عباده، وأن طلب إنفاق الأموال منهم، لعود نفعه إليهم لا إليه، لاستغنائه المطلق، فإن في الصدقات دفع أحقاد صدور الفقراء عنهم، وفي بذله للجهاد دفع غائلة الشرور والفساد، وكله مما يعود ثمرته عليهم.
ثم أشار تعالى إلى حكمته ورحمته في عدم سؤاله إنفاق أموالهم كلها، بقوله:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة محمد (٤٧) : آية ٣٧]]
إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا أي فيجهدكم بالمسألة، ويلح عليكم بطلبها منكم، تبخلوا بها وتمنعوها، ضنّا منكم بها، ولكنه علم ذلك منكم، ومن ضيق أنفسكم، فلم يسألكموها.
قال الزمخشريّ: الإحفاء المبالغة، وبلوغ الغاية في كل شيء. يقال (أحفاه في المسألة) إذا لم يترك شيئا من الإلحاح، و (أحفى شاربه) إذا استأصله.
وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ أي أحقادكم، وكراهتكم لدين يذهب بأموالكم. وضمير (يخرج) لله تعالى، ويعضده القراءة بنون العظمة. أو للبخل لأنه سبب الأضغان.