وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أي يقذفون بالزنى الْمُحْصَناتِ أي المسلمات الحرائر العاقلات البالغات العفيفات عن الزنى ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ أي يشهدون على ما رموهن به فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً أي كل واحد من الرامين. وتخصيص النساء لخصوص الواقعة، ولأن قذفهن أغلب وأشنع. وإلا فرق فيه بين الذكر والأنثى وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً أي في أي واقعة كانت، لظهور كذبهم وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ أي لخروجهم عما وجب عليهم من رعاية حقوق المحصنات إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ أي القذف وَأَصْلَحُوا أي أعمالهم فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أي بقبول توبتهم وعفوه عنهم.
[تنبيهات:]
الأول: قال ابن تيمية: ذكر تعالى عدد الشهداء وأطلق صفتهم ولم يقيدهم بكونهم (منا) ولا (ممن نرضى) ولا (من ذوي العدل) ولهذا تنازعوا: هل شهادة الأربعة التي لا توجب الحد مثل شهادة أهل الفسوق؟ هل تدرأ الحد عن القاذف؟
على قولين: أحدهما تدرأ كشهادة الزوج على امرأته أربعا. فإنها تدرأ حد القذف ولا توجب الحد على المرأة. ولو لم تشهد المرأة، فهل تحد أو تحبس حتى تقر أو تلاعن، أو يخلى سبيلها؟ فيه نزاع. فلا يلزم من درء الحد عن القاذف، وجوب حد الزنى فإن كلاهما حد. والحدود تدرأ بالشبهات. وأربع شهادات للقاذف شبهة قوية، ولو اعترف المقذوف مرة أو مرتين أو ثلاثا درئ الحد عن القاذف ولم يجب الحد عليه عند أكثر العلماء ولو كان المقذوف غير محصن، مثل أن يكون مشهورا بالفاحشة، لم يحد قاذفه حد القذف. ولم يحد هو حد الزنى بمجرد الاستفاضة. وإن كان يعاقب كل منهما دون الحد. ولا يقام حد الزنى على مسلم إلا بشهادة مسلمين. لكن يقال لم يقيّدهم بالعدالة، وقد أمرنا الله أن نحمل الشهادة المحتاج