أعداء الله ورسوله. والمراد بنفي الوجدان نفي الموادّة. على معنى أنه لا ينبغي أن يتحقق ذلك، وحقه أن يمتنع ولا يوجد بحال، مبالغة في النهي عنه، والزجر عن ملابسته، والتوصية بالتصلب في مجانبة أعداء الله ومباعدتهم، والاحتراس من مخالطتهم ومعاشرتهم. وزاد ذلك تأكيدا وتشديدا بقوله: وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أي آباء الموادّين والضمير في كانُوا لمن حاد الله ورسوله. والجمع باعتبار معنى (من) كما أن الإفراد فيما قبله، باعتبار لفظها. أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أي فإن قضية الإيمان هجر المحادين أُولئِكَ إشارة إلى الذين لا يوادّونهم كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ أي أثبته فيها وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ أي بنور وعلم ولطف حيّت به قلوبهم في الدنيا. وأشار إلى ما لهم في الآخرة، بقوله وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ. أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ أي الناجحون الفائزون بسعادة الدارين.
الثاني- قال ابن كثير: قال سعيد بن عبد العزيز وغيره: أنزلت هذه الآية لا تَجِدُ قَوْماً ... إلى آخرها في أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح حين قتل أباه يوم بدر. وفي أبي بكر الصديق، همّ يومئذ بقتل ابنه عبد الرحمن، وفي مصعب بن عمير، قتل أخاه عبيد بن عمير، وفي عمر قتل قريبا له من عشيرته يومئذ أيضا. وفي حمزة وعليّ وعبيدة بن الحارث، قتلوا عتبة وشيبة والوليد بن عتيبة يومئذ. انتهى.
وقد بينا مرارا، أن المراد بسبب النزول في مثل ذلك، صدق الآية على هؤلاء، وما أتوا به من التصلب في دين الله، في مقابلة المفسدين، ولو كانوا من أقرب الأقربين.
قال ابن كثير: ومن هذا القبيل حين استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين في