قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ أي أول من ألقى، كما في الآية الأخرى. قيل خّيروا موسى إظهارا للجلادة، فلم يبالوا بتقدمه أو تأخره.
وقال الزمخشريّ تخييرهم إياه أدب حسن، راعوه معه، كما يفعل أهل الصناعات إذا التقوا، كالمتناظرين قبل أن يتخاوضوا في الجدال، والمتصارعين قبل أن يتآخذوا للصراع.
قالَ أي: موسى لهم أَلْقُوا أي ما أنتم ملقون. وإنما سوغ لهم التقدم ازدراء لشأنهم، وقلة مبالاة بهم، وثقة بما كان بصدده من التأييد الإلهيّ، وأن المعجزة لن يغلبها سحر أبدا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ أي خيلوا لها ما ليس في الواقع وَاسْتَرْهَبُوهُمْ أي وخوفوهم وأفزعوهم بما فعلوا من السحر، كما في الآية الأخرى: فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى [طه: ٦٦- ٦٨] . وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ أي: في باب السحر، أو في عين من رآه، فإنه ألقى كل واحد عصاه، فصارت العصي ثعابين.