للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأنعام: ٥٠] ، وقوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ [الملك: ٢٦] ، ولذا قال بعد:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ص (٣٨) : آية ٧٠]]

إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠)

إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ وقرئ إنما بالكسر على الحكاية.

[تنبيهات:]

الأول- قال الرازيّ: واعلم أن قوله أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ترغيب في النظر والاستدلال، ومنع من التقليد. لأن هذه المطالب مطالب شريفة عالية، فإن بتقدير أن يكون الإنسان فيها على الحق، يفوز بأعظم أبواب السعادة، وبتقدير أن يكون الإنسان فيها على الباطل، وقع في أعظم أبواب الشقاوة. فكانت هذه المباحث أنباء عظيمة ومطالب عالية بهية. وصريح العقل يوجب على الإنسان أن يأتي فيها بالاحتياط التام، وأن لا يكتفي بالمساهلة والمسامحة.

الثاني- قدمنا أن أكثر المفسرين على تأويل الاختصام بالتقاول في شأن آدم عليه السلام مع الملائكة. وقيل: مخاصمتهم مناظرتهم بينهم في استنباط العلم.

كما تجري المناظرة بين أهل العلم في الأرض. حكاه الكرمانيّ في (عجائبه) .

وذهب ابن كثير إلى أنه عنى به ما كان في شأن آدم عليه السلام، وامتناع إبليس من السجود له، ومحاجته ربه في تفضيله عليه. وإن قوله تعالى بعد وَإِذْ قالَ رَبُّكَ [البقرة: ٣٠] ، تفسير له. ولم أره مأثورا عن أحد. بل المأثور عن ابن عباس وغيره ما تقدم، من أنه في شأن آدم والملائكة. وهذا كله على إثبات علم التخاصم بالوحي.

بتقدير (ما كان لي من علم لولا الوحي) ولا تنس القول الآخر. والنظم الكريم يصدق على الكل بلا تناف. والله أعلم.

وقد جاء ذكر تخاصم الملأ الأعلى في

حديث أخرجه الإمام أحمد «١» عن معاذ رضي الله عنه قال: احتبس علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات غداة عن صلاة الصبح. حتى كدنا أن نتراءى قرن الشمس. فخرج صلّى الله عليه وسلّم سريعا. فثوّب بالصلاة. فصلى وتجوز في صلاته. فلما سلّم قال صلّى الله عليه وسلّم: كما أنتم. ثم أقبل إلينا فقال: إني قمت من الليل


(١) أخرجه في المسند ٥/ ٢٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>