تعالى: كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ [الزمر: ٢٣] ، والواو في قوله: وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ لعطف الصفة كقول الشاعر:
إلى الملك القرم وابن الهمام ... وليث الكتيبة في المزدحم
و (السبع) يراد بها الكثرة في الآحاد. كالسبعين في العشرات. و (المثاني) جمع مثنى بمعنى التثنية أو الثناء. فإنه تكرر قراءته أو ألفاظه أو قصصه ومواعظه. أو مثنى عليه بالبلاغة والإعجاز. أو مثن على الله تعالى بأفعاله العظمى وصفاته الحسنى.
وقد روي عن بعض السلف تفسير السبع بالسور الطوال الأول، وهذا لم يقصد به. إلا أن اللفظ الكريم يتناولها، لا أنها هي المعنيّة. كيف لا وهذه السورة مكية وتلك مدنيات؟ كالقول بأنها الفاتحة سواء. وأما
حديث «١» : (الحمد لله ربّ العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته) عند الشيخين،
فنعناه أنها من السبع، لعطف قوله (والقرآن العظيم الذي أوتيته) ولو كان القصر على بابه، لناقضه لمعطوف. لاقتضائه أنها هو لا غيره. وبداهة بطلانه لا تخفى.
وسر الإخبار بأنها السبع، كون الفاتحة مشتملة على مجمل ما في القرآن. وكل ما فيه تفصيل للأصول التي وضعت فيها. كما بينه الإمام مفتي مصر في (تفسير الفاتحة) فراجعه. هذا ما ظهر لي الآن في تحقيق الآية.
وللأثريّ الواقف مع ظاهر ما صح من الأخبار، الجازم بأن السبع في الآية هي الفاتحة لظاهر الحديث- أن يجيب عن القصر بأن المراد بالمعطوف القرآن بمعنى المقروء، لا بمعنى الكتاب كله. والله أعلم.
وقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الحجر (١٥) : الآيات ٨٨ الى ٩٠]
لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩) كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (٩٠)
لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ يعني: قد أوتيت النعمة العظمى، التي كل نعمة وإن عظمت، فهي إليها حقيرة. وهي القرآن العظيم. فعليك
(١) أخرجه البخاريّ في: التفسير، ١- سورة الفاتحة، ١- باب ما جاء في فاتحة الكتاب، حديث ١٩٦١، عن أبي سعيد بن المعلّى.