نفسه، مع وقوعه أيضا- للتنبيه على أن إرادته مما يقضي منه العجب ولا ينبغي أن يدخل تحت الوقوع، فما ظنك بنفسه؟
السادس- قال المفسرون: إنما صد المنافقون عن حكم الرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا ظالمين. وعلموا أنه لا يأخذ الرشا. وأنه لا يحكم إلا بمرّ الحكم. وقيل: كان ذلك الصدّ لعداوتهم في الدين. وقوله تعالى:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ٦٢]]
فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ متصل بما قبله، مبين غائلة جناياتهم المحكية ووخامة عاقبتها. أي كيف يكون حالهم إذا ساقتهم التقادير إليك، في مصائب تطرقهم بسبب ذنوبهم، التي منها المحاكمة إلى الطاغوت والكراهة لحكمك، واحتاجوا إليك في ذلك ثُمَّ جاؤُكَ للاعتذار عما صنعوا من القبائح يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ كذبا إِنْ أَرَدْنا أي ما أردنا بذلك التحاكم إِلَّا إِحْساناً أي فصلا بالوجه الحسن وَتَوْفِيقاً بالصلح بين الخصمين. ولم نرد مخالفة لك ولا تسخطا لحكمك. فلا تؤاخذنا بما فعلنا. وهذا وعيد لهم على ما فعلوا. وأنهم سيندمون عليه حين لا ينفعهم الندم. ولا يغني عنهم الاعتذار.
قال الرازيّ: ذكروا في تفسير قوله تعالى أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ وجوها: الأول- إن المراد منه قتل عمر صاحبهم الذي أقرّ أنه لا يرضى بحكم الرسول عليه السلام.
فهم جاءوا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فطالبوا عمر بدمه. وحلفوا أنهم ما أرادوا بالذهاب إلى غير الرسول إلا المصلحة. وهذا اختيار الزجاج.
قلت: واختياره غير مختار. لأن قصة قتل عمر لم ترو من طريق صحيح ولا حسن. فهي ساقطة عند المحققين. واستدلال الحاكم، الذي قدمناه، مسلم. لو صحّت. الثاني- قال أبو عليّ الجبائيّ: المراد من هذه المصيبة ما أمر الله تعالى الرسول عليه الصلاة والسلام من أنه لا يستصحبهم في الغزوات. وأنه يخصهم بمزيد الإذلال والطرد عن حضرته. وهو قوله تعالى: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ، أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا [الأحزاب: ٦٠- ٦١] وقوله فَقُلْ لَنْ