للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمنع عقد اليمين. والكفارة تحلّها بعد عقدها. ولهذا سمّاها الله تَحِلَّةَ.

وحلف صلى الله عليه وسلم في أكثر من ثمانين موضعا. وأمره الله سبحانه بالحلف في ثلاثة مواضع:

فقال تعالى: وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ، قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ [يونس: ٥٣] وقال تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ، قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ [سبأ: ٣] وقال تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا، قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ، وَذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [التغابن: ٧] . وكان إسماعيل بن إسحاق القاضي يذكر أبا بكر بن داود الظاهريّ ولا يسميه بالفقيه. فتحاكم إليه يوما هو وخصم له.

فتوجهت اليمين على أبي بكر بن داود. فتهيّأ للحلف. فقال له القاضي إسماعيل:

وتحلف، ومثلك يحلف يا أبا بكر؟ فقال: وما يمنعني عن الحلف؟ وقد أمر الله تعالى نبيّه بالحلف في ثلاثة مواضع من كتابه. قال: أين ذلك؟ فسردها أبو بكر، فاستحسن ذلك منه جدّا، ودعاه بالفقيه من ذلك اليوم.. انتهى.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المائدة (٥) : آية ٩٠]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠)

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ أي: الشراب الذي خامر العقل، أي خالطه فستره وَالْمَيْسِرُ أي: القمار وَالْأَنْصابُ أي: الأصنام المنصوبة للعبادة وَالْأَزْلامُ أي: القداح رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ أي: خبيث من تزيين الشيطان، وقذر تعاف عنه القول.

قال المهايميّ: لأن الخمر تضيع العقل، وما دون السكر داع إلى ما يستكمله، فأقيم مقامه في الشرع الكامل. والميسر يضيع المال. والأنصاب تضيع عزة الإنسان بتذلّله لما هو أدنى منه. والأزلام تضيع العلم للجهل بالثمن والمثمن. انتهى.

وما ذكره هو شذرة من مفاسدها فَاجْتَنِبُوهُ أي: اتركوه، يعني: ما ذكر. أو (الرجس) الواقع على الكل لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ أي: رجاء أن تنالوا الفلاح فتنجوا من السخط والعذاب وتأمنوا في الآخرة.

ثم أكد تعالى تحريم الخمر والميسر ببيان مفاسدهما الدنيوية والدينية.

فالأولى في قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>