[الشورى: ٥٢] ، والتعبير عنه بالروح على نهج الاستعارة. فإنه يحيي القلوب الميتة بالجهل ومِنْ أَمْرِهِ بيان للروح، أو حال منه، أو صفة، أو متعلق ب (ينزل) و (من) للسببية وأَنْ أَنْذِرُوا بدل من الروح. أي أخبروهم بالتوحيد والتقوى. فقوله فَاتَّقُونِ من جملة المنذر به. أو هو خطاب للمستعجلين، على طريقة الالتفات، والفاء فصيحة أي إذا كانت سنته تعالى ذلك، فاتقون، بما ينافيه من الإشراك وفروعه، من الاستعجال.
قال الزمخشري: ثم دل على وحدانيته وأنه لا إله إلا هو، بما ذكر، مما لا يقدر عليه غيره. من خلق السموات والأرض، وخلق الإنسان وما يصلحه، وما لا بد له منه من خلق البهائم لأكله وركوبه، وجر أثقاله وسائر حاجاته. وخلق ما لا يعلمون من أصناف خلائقه. ومثله متعال عن أن يشرك به غيره. بقوله سبحانه:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النحل (١٦) : الآيات ٣ الى ٦]
خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ أي بالحكمة كما تقدم تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أي مهينة ضعيفة فَإِذا هُوَ بعد تكامله بشرا خَصِيمٌ مُبِينٌ أي مخاصم لخالقه مجادل. يجحد وحدانيته ويحارب رسله. وهو إنما خلق ليكون عبدا لا ضدا وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ أي لمصالحكم وهي الأزواج الثمانية المفصلة في سورة الأنعام.
قال الزمخشري: وأكثر ما تقع على الإبل.
فِيها دِفْءٌ أي ما يدفئ أي يسخن به من صوف أو وبر أو شعر، فيقي البرد وَمَنافِعُ أي من نسلها ودرّها وركوب ظهرها وَمِنْها تَأْكُلُونَ، وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ أي زينة حِينَ تُرِيحُونَ أي تردّونها من مراعيها إلى مراحها (بضم الميم) وهو مقرّها في دور أهلها بالعشيّ وَحِينَ تَسْرَحُونَ أي تخرجونها بالغداة إلى المراعي.
قال الزمخشري: منّ الله بالتجمل بها كما منّ بالانتفاع بها. لأنه من أغراض أصحاب المواشي. بل هو من معاظمها لأن الرعيان، إذا روحوها بالعشيّ، وسرحوها بالغداة، فزينت بإراحتها وتسريحها الأفنية، وتجاوب فيها الثغاء والرغاء، أنست أهلها