للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسول متلازمين، بل هذا هو هذا في ذاته، وإن تنوعت الصفات..! انتهى.

وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا أي: باتخاذ الأنداد ووضعها موضع المعبود إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ المعدّ لهم يوم القيامة أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً أي: القدرة كلّها لله، على كل شيء، من العقاب والثواب، دون أندادهم وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ أي: العقاب للظالمين. وفائدة عطفها على ما قبلها: المبالغة في تهويل الخطب، وتفظيع الأمر.

فإنّ اختصاص القوة به تعالى لا يوجب شدّة العذاب، لجواز تركه عفوا مع القدرة عليه. وجواب (لو) محذوف للإيذان بخروجه عن دائرة البيان: إمّا لعدم الإحاطة بكنهه، وإمّا لضيق العبارة عنه، وإمّا لإيجاب ذكره ما لا يستطيعه المعبّر أو المستمع من الضجر والتفجّع عليه. أي لكان منهم ما لا يدخل تحت الوصف من الندم والحسرة ووقوع العلم بظلمهم وضلالهم. ونظيره- في حذف الجواب- قوله تعالى:

وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا [الأنعام: ٢٧] وقولهم: لو رأيت فلانا والسياط تأخذه. وقرئ ولو ترى بالتاء- على خطاب الرسول أو كلّ مخاطب- أي: ولو ترى ذلك لرأيت أمرا عظيما في الفظاعة والهول.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (٢) : آية ١٦٦]]

إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ (١٦٦)

إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا بدل من «إذ يرون» أي: تبرّأ المتبوعون وهم الرؤساء الآمرون باتخاذ الأنداد وكلّ ما عبد من دونه تعالى: مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا من الأتباع، بأن اعترفوا ببطلان ما كانوا يدعونه في الدنيا لهم- أو يدعونهم إليه- من فنون الكفر والضلال، واعتزلوا عن مخالطتهم، وقابلوهم باللعن. وقرئ الأول على البناء للفاعل، والثاني على البناء للمفعول، أي تبرّأ الأتباع من الرؤساء وَرَأَوُا الْعَذابَ الواو للحال، أي: تبرّأوا في حال رؤيتهم العذاب وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ أي:

الوصل التي كانت بينهم: من الاتفاق على دين واحد، ومن الأنساب، والمحابّ، والاتباع، والاستتباع.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (٢) : آية ١٦٧]]

وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧)

وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا حين عاينوا تبرّؤ الرؤساء منهم، وندموا على ما فعلوا من اتباعهم لهم في الدنيا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً أي: ليت لنا رجعة إلى الدنيا فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>