قال السيوطي في (الإكليل) : فيستدل به على تحريم أدبار النساء، أي بناء على أن تفسير الصحابي له حكم المرفوع.
ورجح ابن القيم أنه في حكم الموقوف.
والمسألة تقدمت مستوفاة في قوله تعالى نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ [البقرة: ٢٢٣] . فتذكر.
[تنبيه:]
قال الإمام شمس الدين ابن القيم رحمه الله في كتابه (إغاثة اللهفان) :
قد وسم الله سبحانه الشرك والزنى واللواطة بالنجاسة والخبث في كتابه، دون سائر الذنوب، وإن كان مشتملا على ذلك. لكن الذي وقع في القرآن قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ [التوبة: ٢٨] ، وقوله تعالى في حق اللوطية: وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ، إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ [الأنبياء: ٧٤] ، وقالت اللوطية: أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ [النمل: ٥٦] فأقروا، مع شركهم وكفرهم، أنهم هم الأخابث الأنجاس، وأن لوطا وآله مطهرون من ذلك، باجتنابهم له. وقال تعالى في حق الزناة: الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ [النور: ٢٦] ، وأما نجاسة الشرك فهي نوعان نجاسة مغلظة، ونجاسة مخففة. فالمغلظة: الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله عز وجل، فإن الله عز وجل لا يغفر أن يشرك به، والمخففة: الشرك الأصغر، كيسير الرياء، والتصنع للمخلوقات والحلف به، وخوفه ورجائه.
ثم قال: ونجاسة الزنى واللواطة أغلظ من غيرها من النجاسات، من جهة أنها تفسد القلب، وتضعف توحيده جدّا. ولهذا، أحظى الناس بهذه النجاسة أكثرهم شركا، فكلما كان الشرك في العبد أغلب، كانت هذه النجاسة والخبائث فيه أكثر.
وكلما كان أعظم إخلاصا، كان منها أبعد. كما قال تعالى عن يوسف الصديق عليه السلام: كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ، إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ [يوسف: ٢٤] فإن عشق الصور المحرمة نوع تعبّد لها بل هو من أعلى أنواع التعبد، ولا سيما إذا استولى على القلب، وتمكن منه، صار تتّيما، والتتيم: التعبد، فيصير العاشق عابدا لمعشوقه، وكثيرا ما يغلب حبه وذكره، والشوق إليه، والسعي في مرضاته، وإيثار محابّه، على حب الله وذكره، والسعي في مرضاته. بل كثيرا ما