وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى أي أهلها، وهي مكة وَمَنْ حَوْلَها أي من العرب وسائر الناس وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ أي يوم القيامة الذي تكون فيه الفضيحة أعظم، لأنه يجمع فيه الخلائق لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ أي منهم فريق في الجنة، وهم الذين آمنوا بالله، واتبعوا ما جاءهم به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وفريق في السعير، أي النار الموقدة المسعورة على أهلها. وهم الذين كفروا بالله وخالفوا ما جاءهم به رسوله.
وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً أي أهل دين واحد وملة واحدة وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ أي ولكن لم يفعل ذلك فيجعلهم أمة واحدة، لمنافاة ذلك ما يقتضيه حكمة خلق الإنسان من تنوع أفراده المستلزم اختلاف أميالهم ومشاربهم. ولذا شاء ما اقتضاه خلقهم واستعدادهم. فكلفهم وبنى أمرهم على ما يختارون. فأدخل من شاء في رحمته وهم المؤمنون، وفي عذابه، الكافرين. قال أبو السعود: ولا ريب في أن مشيئته تعالى لكل من الإدخالين، تابعة لاستحقاق كل من الفريقين لدخول مدخله وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ أي والكافرون بالله ما لهم من وليّ يتولاهم يوم القيامة، ولا نصير ينصرهم من عقاب الله فينقذهم من عذابه، لأنه يدخلهم في قهره. وتوصيفهم بالظالمين، إشارة إلى عدل المؤمنين في باب الاعتقادات والأخلاق والأعمال والأفعال، وأنه تعالى يواليهم وينصرهم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الشورى (٤٢) : الآيات ٩ الى ١٠]
أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ أي يتولونهم. مع أنه لا ولاية لهم في الحقيقة، إذ لا قدرة ولا قوة فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ أي هو الذي يجب أن يتولى وحده، ويعتقد أنه المولى والسيد دون غيره، لتوليه سبحانه كل شيء، وسلطانه وحكمه. والفاء جواب