وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها وهي مغانم خيبر، وكانت أرضا ذات عقار وأموال، فقسمها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أهل بيعة الرضوان خاصة. وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً أي ذا عزة في انتقامه من أعدائه، وحكمة في تدبير خلقه.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفتح (٤٨) : آية ٢٠]]
وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها يعني ما يفيء عليهم من غنائم الكفار في سبيل الجهاد. فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ يعني غنائم خيبر. وأما الغنائم المؤخرة فسائر فتوح المسلمين بعد ذلك الوقت، إلى قيام الساعة. وقيل: المعجلة هي صلح الحديبية. والصواب هو الأول، كما قاله ابن جرير، لأن المسلمين لم يغنموا بعد الحديبية غنيمة، ولم يفتحوا فتحا أقرب من بيعتهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالحديبية إليها، من فتح خيبر وغنائمها. وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ أي أيدي أهل خيبر، فانتصرتم عليهم، أو أيدي المشركين من قريش عنكم في الحديبية. واختار ابن جرير الأول.
قال: لأن الثاني سيذكر في قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ ... الآية. أي والتأسيس خير من التأكيد. ولك أن تقول: لا مانع من التأكيد، لا سيما في مقام التذكير بالنعم، والتنويه بشأنها. وتكون الآية الثانية بمثابة التفسير للأولى، والتبيين لمطلقها- والله أعلم-.
وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ أي ولتكون تلك الكفة أو الغنيمة عبرة للمؤمنين، يعرفون بها أنهم من الله تعالى بمكان، وأنه ضامن نصرهم، والفتح لهم. وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً أي ويزيدكم بصيرة ويقينا وثقة بفضل الله. وقوله تعالى:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفتح (٤٨) : آية ٢١]]
وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها معطوف على هذِهِ أي فعجّل لكم هذه المغانم، ومغانم أخرى، وهي مغانم هوازن في غزوة حنين، لأنه قال: لَمْ